كتابات فكرية

تبنى الدولة المدنية الحديثة باحترام سيادة القانون وليس بالفتاوى الشرعية!

  تبنى الدولة المدنية الحديثة باحترام سيادة القانون وليس بالفتاوى الشرعية! 

 يوميات البحث عن الحرية .. تبنى الدولة المدنية الحديثة باحترام سيادة القانون وليس بالفتاوى الشرعية!  

  • عبد العزيز البغدادي

الاثنين 29 سبتمبر 2025-

اعتمدت وتعتمد مراكز القوى في اليمن على استغلال الدين واشهار سلاح الإرهاب باسم الاسلام في وجه كل تواق الى دولة يمنية حديثة عادلة والخروج من ربقة وتخلف القرون الوسطى!

 وقد شهدنا ما صنعت هذه المراكز باليمن في محطات عديدة من محطات محاولات اليمنيين الاحرار البحث عن استنباط رؤى لبناء الدولة اليمنية الحديثة مستمدة من التزاوج الحضاري البناء بين الرؤى الإسلامية المستنيرة وبين لغة العصر ومفاهيمه القانونية والحقوقية (جوهر الثورة الحقيقية المنشودة).

لدى الفقهاء الاسلاميين المستنيرين اليقين بان جوهر الاسلام لا يتعارض مع فكرة الدولة المدنية ذات الدلالات الرافضة لعبثية الخلط بين الاسلام كعقيدة وبينه كشريعة وأن هذا الخلط كان ومازال معضلة كبيرة لربطه بتصورات من يريد ابقائه حاكماً لكل حركة نحو الاخذ بالعلوم التي بها نهضت الشعوب والدول وقويت.

العقيدة أقرب الى الثبات، طبعاً الثبات النسبي!

والدولة ليست حارس للعقيدة ولا وصية على عقائد الناس وإلا كان ذلك خروجاً صارخاً على مبدأ حرية الفكر والاعتقاد وإذا فقد الإنسان حريته في الاعتقاد فلا قيمة له!

 أما الشريعة فمتعلقة بآراء الفقهاء القابلة للتحول والتغيير وللنقاش والاخذ والرد بما يتمشى مع مصالح المجتمع والافراد دائمة الحركة والتحول بحسب التطور الثقافي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي.

والمتأمل في هذه المواقف المعيقة بعيون فاحصة صادقة يدرك أنها كانت عامل رئيس في كبح حركة الامة باتجاه الحضور في العصر والاسهام الفاعل في تحديد مستقبل العالم الساعي الى التوحد وهو حلم لابد ان يتحقق طال الزمن ام قصر!

وفي كل الاحوال فإن عوامل تخلف أي شعب عن اللحاق بركب الحضارة انما تنبع من داخله ومستوى فهمه لحدود علاقة الواقع بالتاريخ، ومدى هيمنة الارتهان لفهم محدد للتراث بدلاً من الاستفادة منه في حدود المصلحة التي يرسم اطارها العام الدستور والسلطة الدستورية.

ولعل ابرز فرصة فقدتها الجمهورية اليمنية حتى الان او كادت إن لم نعي خطورة ما يصنع بعضنا بنا وبالوطن هي فرصة بناء دولة الوحدة التي أطلينا عليها عام 1990 والتي كان المتفق عليه قيامها على اسس ديمقراطية واضحة محكومة باحترام مبدأ سيادة القانون والتداول السلمي للسلطة وتجريم الاستيلاء على السلطة بالقوة او بالتحايل كما نص على ذلك دستور دولة الوحدة المستفتى عليه!

اعلم ان هناك قوى في الجنوب تحركت بدفع من بعض دول الجوار وغلّبَت مصالحها الشخصية على المصلحة العامة للجنوب واليمن عموماً.

هذه القوى تعمل بجد على فك الارتباط بأسلوب ديماغوجي لا يهتم بأدنى قواعد الحوار ووجوب احترام اسس بناء الدول او تغيير التوجهات السياسية التي تراعي المصلحة العامة في الوحدة او الانفصال كخيار سياسي يحتاج الى وعي في كيفية التوحد أو الانفصال بعيداً عن المطامح الشخصية لعديمي الكفاءة والشعور بالمسؤولية الوطنية.

الجميع يعرف من وقف ضد الدستور بحجة انه حامي حمى الاسلام ونعرف من دفعه الى ذلك.

انه مثال سيئ لا ينبغي ان يبقينا في مربعه ويجب ان نتحلى بالشجاعة الأدبية الوطنية والإنسانية فنعترف بأخطائنا والا تأخذنا العزة بالإثم فنبقى في ذات الدوامة.

 ومن اهم الافكار التي تضمنتها مخرجات الحوار الوطني والتي يمكن الاستفادة منها في بناء الدولة المدنية الحُلم – المخرج الذي نص على حصر الاختصاص في اصدار الفتوى بمجلس النواب وحده.

وتكمن اهمية هذه المسالة في منع استخدام الفتوى كوسيلة للوصول الى السلطة وفي إعاقة مبدأ سيادة القانون واحترام الدستور وتعطيل عمل المؤسسات.

قد يقول قائل ولكن في البلدان المتخلفة ومنها بلادنا لا يوجد بها مجالس نواب تتوفر بين اعضائه اغلبية لديها القدر اللازم من الوعي والمعرفة والثقافة والاحساس بالمسؤولية الوطنية يمكنها من اصدار الفتوى وهذا صحيح مع الاحترام الكامل لكل اعضاء مجلس النواب الذين بذلوا جهدا في ممارسة صلاحيات سلطة تشريعية لدولة حديثة ولكن:

المقصود بمجلس النواب المؤهل للفتوى مجلس مؤهل للتشريع والمراقبة والمحاسبة، وهذه المسائل اهم من الفتوى المتعلقة بمسألة من المسائل الطارئة حول اي خلاف ينشأ بين سلطة وأخرى من سلطات الدولة تتعلق بممارسة صلاحياتها او نحو ذلك، ومن غير المعقول ان نعطي المجلس النيابي المنتخب الحق في اصدار القوانين التي تنظم كافة شؤون الحياة ونحجب عنه صلاحية الفتوى!

طبعاً الفتوى المقصودة هي المتعلقة بعموم مبدأ الشرعية والمشروعية ويفترض في مجلس النواب ان يفهم معنى ذلك اما الفتاوى الفرعية التي تخص الوزارات ومؤسسات الدولة فلكل من هذه الجهات مستشارين قانونيين هم من يتولوا اصدار الفتاوى القانونية الفرعية حول أي التباس أو خلاف بشأن تطبيق القوانين!

طبعاً مع الالتزام بعدم التعدي على صلاحيات الهيئات الرقابية كالقضاء (قضاء الحكم والادعاء) والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وغيرها.

ومتطلبات احترام مبدأ سيادة القانون تستوجب النظر الى المنظومة التشريعية نظرة تكاملية تستوعب عدم جواز الخلط بين الفتوى الدينية والقانونية.

 ومن المعلوم ان الاخذ بالفتوى الدينية اختياري اي ان الافراد والمجتمع الذين يلجؤون الى من يقدم لهم الفتوى لهم الخيار في الاخذ بها او تركها لأنها مجرد رأي يتعلق بالعقيدة ومجال العقيدة متعلق بمسائل عبادية والعبادات مسائل ايمانية غيبية، وقد تعددت بشأن ذلك المذاهب وتفاسير القرآن والحديث واختلف حولها الفقهاء داخل كل مذهب أيما اختلاف!

 اما الفتوى القانونية فتتعلق بتشريعات وقوانين تحكم علاقات الافراد والمجتمع ببعضهم ومصالحهم وعلاقتهم بسلطات الدولة وتحافظ على التوازن بينهم وتنظم تصرفاتهم.

لذلك فالفتوى القانونية ملزمة للجميع كونها جزء من المنظومة التشريعية.

ومن غير المعقول او المنطقي إعطاء الحق لأي فقيه او متصدر للفتوى في إصدار فتاوى ملزمة تمس جوهر القواعد القانونية أو تعطلها ولو كان معينا من قبل السلطة العامة، وأي سلطة تعطي الفتوى مرتبة تعلو على الدستور والقانون انما هي سلطة غير مهتمة بالحفاظ على السكينة العامة وتخلق الفتن ولا تقدر مسؤوليتها في تحقيق العدالة والحرص على السلام الاجتماعي!

الله وحده من يقدسه الأحرار الحقيقيون

في السر والعلن

في القول والفعل

كفوا عن الضجيج

لتكونوا أحراراً

 قبلتكم الحرية والعدالة!

اقرأ أيضا:لا يتناهون عن منكر فعلوه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى