اخبار محليةكتابات فكرية

اليمن تُواجه الغرب في البحر الأحمر: حين تنبع القوة من الإيمان

اليمن تُواجه الغرب في البحر الأحمر: حين تنبع القوة من الإيمان

بقلم: د/عبدالرحمن المؤلف

الأثنين28يوليو2025_

في زمن تُكبل فيه الشعوب بقيود الخوف والتبعية، يخرج اليمن من بين الركام ليقول للعالم: “لسنا عبيدًا ولا وكلاء عند أحد”. فمنذ أكثر من عام ونصف، تخوض القوات المسلحة اليمنية معركة بحرية استثنائية، نجحت خلالها في إغلاق ميناء “أم الرشراش” (إيلات) على البحر الأحمر بشكل كامل، في خطوة تُعد ضربة استراتيجية مدوية لكيان الاحتلال الصهيوني، وللولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة.

هذا الإنجاز ليس تفصيلًا عابرًا في صفحات الحرب، بل إعلانُ تحوّلٍ في موازين الردع الإقليمي. فقد أعلنت بلدية “إيلات” رسميًا إفلاس الميناء، والحجز على حساباته المصرفية بسبب تراكم الديون، في ظل توقف الحركة التجارية وغياب السفن الدولية نتيجة التهديد المستمر من صنعاء. أما جيش الاحتلال فاعترف بأن إغلاق الميناء يُقوّض قدراته القتالية في البحر الأحمر، بينما ذهبت القناة 12 العبرية إلى وصف ما حدث بـ”الهزيمة الساحقة للولايات المتحدة وإسرائيل”.

لماذا نجح اليمن حيث فشلت دول أخرى؟

الجواب ليس سريًا، بل مكتوب في الوعي الجمعي لشعبٍ قرر أن لا يموت، مهما بلغ الحصار ومهما عظمت التضحيات. يمكن اختصار سرّ هذا الصمود بثلاثة عوامل محورية:

1. أمة حية لا تموت

رغم سنوات الحرب والحصار، ما زال اليمن يلد مقاومين ويزرع صواريخ ويُنجب إرادة. لم تنكسر إرادته أمام المجاعة ولا أمام القصف، بل ازداد عزيمةً وثباتًا. لقد أثبت اليمن أن الحصار يُولّد الصلابة، وأن الشعوب لا تُهزم إذا امتلكت القضية.

2. قيادة شجاعة لا تُساوم

منذ اللحظة الأولى، اتخذت القيادة اليمنية قرارًا استراتيجيًا واضحًا: الوقوف مع غزة ليس خيارًا، بل التزام ديني وأخلاقي وسياسي. لم تركع هذه القيادة لضغوط أميركية ولا عروض سعودية ولا تهديدات أممية. هي تعرف من يقف مع الحق ومن يبيع دمه بثمن بخس.

3. منهاج قرآني لا يعرف الهزيمة

ليست الشعارات هي التي تقاتل في البحر، بل الرؤية. وقد حددت هذه الرؤية بوصلتها منذ البداية: “ومن نَصَرهم فإنما نَصره الله”. يسير اليمن اليوم وفق منهاج قرآني متكامل، لا يُحدد تحركاته توازنات القوى العالمية، بل عدالة قضيته وصدق وُجهته.

الرسالة إلى المنطقة والعالم

ما حدث في إيلات، وما يحدث كل يوم في مضيق باب المندب، ليس مجرد ردّ فعل على حرب غزة، بل تحول إستراتيجي يُغيّر خريطة السيطرة البحرية العالمية. فبعد أن كان البحر الأحمر بحيرةً أميركية صهيونية، أصبح ساحة مواجهة مفتوحة لا يملك أحد مفاتيحها سوى أصحاب القرار الحقيقيين.

والرسالة واضحة: إذا وُجدت الإرادة، يصبح المستحيل ممكنًا.

فمن ظن أن اليمن سيُهزم، أخطأ في تقدير وعي الشعوب. ومن ظن أن فلسطين بلا أنصار، لم يفهم أن الدم العربي حين يستفيق لا يُقهر.

 اقرأ أيضا للكاتب:نزع سلاح الشعوب تحت الاحتلال: حين يصبح الوعد بالسلام مقدمة للإبادة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى