اخبار محليةاقتصاد محليمجتمع مدني

العيد في صنعاء وطقوس عيديه مميزة

 العيد في صنعاء وطقوس عيديه مميزة

  • عبدالرحمن مطهر

الأحد8يونيو2025_  

 رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها اليمن خلال السنوات الأخيرة ،إلا أن العاصمة صنعاء ، وبالتحديد مدينة صنعاء القديمة لا تزال محافظة على طقوس العيد المميزة ، فتشهد صنعاء في أيام العيد طقوسًا شعبية متوارثة، تتمثّل في الكثير من الطقوس التي تبدأ عادة قبل يوم عيد الفطر أو الأضحى بأيام ، وتتمثل هذه الطقوس بالاستعداد للعيد السعيد من خلال شراء الملابس الجديدة ، والذهاب بملابس العيد الماضي للمغاسل الأوتوماتيكية ،وشراء جعالة العيد ، وتنظيف البيت بشكل يوحي وكأنه لم يتم تنظيفه منذ زمن.

حيث يتم تنظيفه بشكل كبير ويتم تغسيل المفارش والجدار ،ودهن الجدار بالجص والرنج، والتنظيف المبالغ فيه للبيت يستمر يوميا حتى يوم العيد ،وتسمع النساء وهي تصيح “ها ما حد يمهد خلو العيد يجي والبيت نظيف” ومن ثم الاستعداد للعيد من خلال تجهيز الكعك اللذيذ قبل العيد بأيام قليلة قد تكون أسبوع تقريبا، وما على رب البيت إلا الاستعداد المناسب للعيدين حتى لو كان وضعه الاقتصادي ليس كما يرام فما عليه إلا تلبية كل مستلزمات العيد حتى لو يتدين مبالغ من أصدقائه أو معاريفه المهم عليه أن لا يقصر في ذلك.

غير أن الكثير من الناس خلال السنوات الأخيرة لم يعود باستطاعتهم القيام بشراء الكباش من أجل الأضحية وهي من العادات المحببة وسنة كان اغلب المواطنين يحرصون عليها ، غير أن السنوات الأخيرة خاصة في ظل انقطاع المرتبات وصرف المدخرات لم يعد باستطاعة الكثير الاستمرار في أحياء هذه السنة.

كعك العيد

 يتم تجهيز كعك العيد بأنواعه المختلفة، مثل الكعك العادي وكعك التمر ، والمعمول والمذبل والسمسم والمسكر وكعك بالشكلاته، وآخر بالمربى ،وكعك البيتيفور وأنواع عديدة من الكعك والحلويات.

ورغم أن الأسواق مليئة بأنواع الكعك والحلويات والبسكويت ، إلا أن النساء يحرصن عادة على تجهيز كعك العيد بأنفسهن ، من خلال شراء الزبدة الحيوانية ، والشكلاته الخام والمربى والسكر والدقيق والسمسم وجوز الهند وووالخ من المستلزمات والمواد الخاصة بصناعة الكعك في البيت، وأكثر شيء يريح النساء عندما يتم مدح الكعك الذي من صنع أيديهن، وكذلك تجهيز صحون وأكواب العصير وما إلى ذلك .

صباح العيد

وفي الصباح الباكر من يوم العيد يذهب رب الأسرة إلى المسجد لأداء صلاة العيد جماعة مع جموع المواطنين بصحبة أولاده والجميع لابسين الملابس الجديدة ،وعادة تكون الملابس التقليدية، ففي صنعاء يلبس الغالبية الرجال والأبناء الثوب الأبيض وبالعض بأثواب ملونة ، والكوت والجنبية والشال وكلها في الغالب جديدة ، وبعد انتهاء الصلاة وسماع الخطبتين يتم مصافحة الجيران في المسجد وفي الشارع، وقبل أن تبدأ الزيارات العيدية والتي تسمى “السلام”، يعود البعض للبيت إذا كان المسجد قريب من البيت وذلك لتناول فطور العيد أو ما يسمى بلجهة صنعاء الصبوح.

السبايا

وعادة ما يكون صبوح يوم العيد خبز دافي يسمى في صنعاء “سبايا” مرشوش بالعسل والسمن البلدي وقهوة القشر ،وبعض ميسوري الحال يتم تجهيز أيضا اللحم الصغار والكبدة والدقة ، وعادة يقمن النساء من قبل صلاة الفجر لإعداد صبوح العيد ولا يحلى العيد في صنعاء إلا بهذه الطقوس الجميلة والتي تأتي مرتين كل عام .

جعالة العيد

المقصود هنا حلويات عيدي الفطر والأضحى والمباركين ،فتتميز جعالة العيد في العاصمة صنعاء وفي اليمن عموما تقليد يمني يتم فيه تقديم تشكيلة متنوعة من الحلويات والمكسرات والوجبات الخفيفة للزوار والمقربين خلال أيام العيد السعيد، ويحرص الكثير من سكان العاصمة صنعاء أن تكون هذه الحلويات مميزة بقدر الإمكان ، فالمواطن المستور ماديا مثلا تحرص على شراء الحلويات والمكسرات الفاخرة ، والمواطن المحدود الدخل يشتري بقدر الحال ، لكن يحرص في الوقت ذاته خاصة النساء التفنن في صناعة الكعك المختلفة ، لتتميز جعالة العيد عن غيرهم بالكعك وما إلى ذلك .

وتشمل جعالة العيد  عادة المكسرات مثل اللوز والفستق والزبيب (العنب المجفف)، وكما قلنا ، كل حسب قدرته الشرائية فهناك العديد من الأصناف ذات جودة مختلفة. بالإضافة إلى تشكيلات متنوعة من الحلويات والشوكولاتة والمشروبات. كما يعتبر الكعك المنزلي جزءًا أساسيًا من الجعالة، حيث يتنافس النساء على تحضيره قبل ليلة العيد.

ويظل رب الاسرة في تلبية احتياجات العيد حتى الساعات المتأخرة من ليلة العيد ، فتقول له ربة البيت هااا نسيت “العودة” بخور العود  ونسيت السود أي “الفحم” الخاص بالبخور ، ولا تنسى ما تجيب الثلج ، وهكذا ورب البيت يلبي كل المتطلبات بقلب راض وبطيبة خاطر فمن سيأتي عنده هم أقاربه وهو سيذهب إليهم أيضا ، وكل ذلك الاستعداد يبهج الأطفال وهو نوع من العلاج النفسي لما يقاسوه في مطلع سنوات أعمارهم خاصة في زمن الحرب .

ترتيب الجعالة

ومن الأشياء الجميلة ليلة العيد هو منظر الأطفال وهم يتأملون بفرح وسرور عملية ترتيب هذه الجعالة والتي يتولى هذه المهمة السعيدة هن الأمهات ، وذلك إيذانا بدخول يوم العيد ولا يفصل الأطفال عن العيد سوى النوم.

ظروف المواطنين

ورغم الظروف الصعبة التي تعيشها اليمن بسبب الحرب منذ العام 2015 وحتى اليوم ، وانقطاع رواتب الموظفين الحكوميين، وارتفاع أسعار مختلف أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والأساسية وحتى الكمالية ، إلا أن سكان العاصمة صنعاء لا يزالون يتمسكون أكثر من غيرهم بجعالة العيد وكذلك بما يسمى “عسب العيد” وفي بعض المناطق تسمى العيدية ،وهي مبلغ رمزي للأطفال والنساء من الأهل والأقارب،  وهذه من العادات الحميدة التي تسعد الأطفال والكبار وتدخل الفرحة إلى قلوبهم وترسم الابتسامة على شفاههم.

يتم التمسك بهذه العادات من معظم أبناء العاصمة صنعاء رغم الظروف الصعبة كما أسلفنا وكل حسب ظروفه المادية والبعض يدخر مبالغ معينة كل شهر من أجل العيد ،خاصة أن الكثير يشعر بالحرج الشديد من الأرحام والأطفال في حال عدم استعداده لهذه المناسبات الدينية العظيمة والتي تعتبر أيضا من أيام الله المباركة.

الزيارات العيدية

والزيارات العيدية أو ما يسمى بالسلام في العيد وخاصة في صنعاء القديمة بالتحديد له مظاهر غريبة وجميلة، تكون النساء قد جهزن مجالس العيد السعيد، وقد تم ترتيب جعالة العيد والتي سنتحدث عنها ،والكعك ، وتجهيز أنواع البن وقهوة القشر بالزنجبيل والقرفة والهيل ، والشاي والعصائر، وتجهيز جمر النار للمبخرة مع العودة، ويا ويلة من ينسى السود أي الجمر الخاص بالبخور.

ثم يأتي “المعيدين”، وهم الرجال الذي سيسلموا على أرحامهم من النساء عادة يكون الأب والأعمام والأخوال والأخوة والأطفال، وفي الغالب يكونوا مستعجلين ، يخلعوا الأحذية عند باب الغرفة يجلسوا لدقائق معددة وإذا بكبيرهم يقول لهم هيا باقي معنا بيوت خيراااات ، وتقول لهم قريبتهم مالكم مسرع ما قد ابسرناكمش ، وتقوم هي أو بناتها بسرعة البرق تقدم العطر والمبخرة وتقول لهم تعودوا حتى تعودوا، وأصوات متداخلة فيما بينهم وقد تحدث بعض الأشياء التي تعكر المزاج بسبب الاستعجال مثل استكاب القهوة أو العصائر على الزائرين ،أو سقوط المبخرة وعليها جمر النار على الفراش وهكذا ..

 ويقوم “المعيدين” يخرجوا العسب  أي “العيدية”من الجيوب إعلان انتهاء الزيارة السريعة جدا،وذلك لأنه لا يزال لديهم الكثير من الزيارات التي عليهم الانتهاء منها قبل حلول وقت الغداء ، لأنه في العادة من العيب آن يصل المعيدين وأهل البيت يتناولوا وجبة الغداء ،والكثير من الناس يبقى لهم زيارات لليوم الثاني خاصة اللي لديهم الكثير من الأرحام، أو في مناطق بعيدة من ضواحي العاصمة صنعاء، ونادرا ما يكون للبعض قريبات لهم في محافظات أخرى ،فالبعض يسافر في اليوم الثاني أو الثالث ،والبعض يعتذر عن السفر ويكتفي باتصال تلفوني بسبب الظروف الاقتصادية.

 بخور العيد

وللبخور طقوس متفردة في بيوت صنعاء القديمة، فلا يخلو “مجلس العيد” من رائحة الطيب وبخور العود، فالبخور يُعدّ من أهم ركائز سلام العيد في صنعاء القديمة، حيث يوضع على الجمر في “مبخرة” مصنوعة من النحاس،وحاليا هناك مباخر خشبية ذات أشكال غاية في الجمال ، وهي من العادات التقليدية القديمة التي يحرص عليها السكان إلى يومنا هذا عند الزيارات العيدية، حيث تهرول النسوة لإعدادها، وتقدّمها للزائر لشمّها وتطييب ملابسه، مع ترديد عبارات المعايدة والتمنيات بالصحة والخير والسلامة، مع أن البيت عادة يتم تبخيره بالكامل من بعد صلاة فجر يوم العيد السعيد.

بعد ظهر يوم العيد 

يأتي ظهر يوم العيد في الغالب والكثير من النساء والرجال مرهقين بشكل لا يطاق ، وذلك بسبب عدم النوم ليلة العيد أو النوم لساعة أو ساعتين بالكثير للبعض وذلك بسبب الانتهاء من جميع التزامات ما قبل العيد، ومع ذلك يصر الكثير على إتمام العيد حتى نهاية اليوم حتى بدون نوم ، فتذهب النساء في الغالب إلى بيوت أهلهن ، ويجمع الرجال في مقيل مع الإخوة الأشقاء والأهل والأنساب وغالبا يكون المقيل في منزل عميد الأسرة وهو الأكبر في السن. 

 وفي اليوم الثاني يتكرر مشهد اليوم الأول للعيد ، ومن اليوم الثالث تقريبا يبدأ الناس في الذهاب للتنزه في المناطق المحيطة بالعاصمة ، والبعض للحدائق والبعض من ميسوري الحال يذهبون لقضاء بقية أيام أجازة العيد في الحديدة على البحر أو عدن .وهكذا تنتهي أيام العيد السعيد وكل عام وانتم بألف خير ..

اقرأ أيضا :اتحاد القوى الشعبية يهنئ بحلول عيد الأضحى المبارك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى