اخبار محليةحوارات

السيطرة اليمنية المباشرة عـلى مضيق باب المندب: ضرورة استراتيجية في ظل التحولات الإقليمية

السيطرة اليمنية المباشرة عـلى مضيق باب المندب: ضرورة استراتيجية في ظل التحولات الإقليمية

الأحد 21 ديسمبر 2025-

  • عبدالرحمن مطهر

الملخص التنفيذي:

يمثل مضيق باب المندب أحد أبرز النقاط الاستراتيجية في البحر الأحمر؛ نظرًا لدوره المحوري في حركة التجارة الدولية ومرور ناقلات النفط بين الشرق والغرب، وكونه منصة استراتيجية للنفوذ الإقليمي والدولي، ما يشكل تحديًا مزدوجًا لليمن، من جهة: تعزيز سيادتها على هذا المضيق والجزر المحيطة به، ومن جهة أخرى: مواجهة أطماع قوى إقليمية ودولية تسعى للهيمنة على هذه المنطقة، بما فيها الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

تركز الورقة على تحليل الأبعاد التاريخية والجيوسياسية للمضيق، وعلى الدور الإسرائيلي في جنوب البحر الأحمر، وتطورات الاحتلال الإماراتي غير المباشر للموانئ والجزر اليمنية، إضافة إلى التحديات والفرص أمام الحكومة في صنعاء لاستعادة السيطرة المباشرة على منطقة باب المندب.

 كما تقدم الورقة خيارات عملية للتعامل مع أي تصعيد عسكري محتمل في المخا وباب المندب، وتوصي بمسارات ضغط متوازية لا تقل أهمية عن العمل العسكري المباشر.

المقدمة:

منذ بداية الحرب على اليمن في 26 مارس 2015، ومحاولات السيطرة الإماراتية على عدد مهم من الجزر والموانئ اليمنية لا تتوقف. ونتيجة لعوامل داخلية وخارجية أمكن للإمارات السيطرة على منطقتي المخا وباب المندب، ودعم مليشيا يمنية محلية باتت تتمركز فيها منذ العام 2018.

ومع معركة طوفان الأقصى والمشاركة اليمنية في مساندة غزة على مدى عامين، تعاظمت الأهمية الاستراتيجية لباب المندب والبحر الأحمر في الملاحة الدولية، وبرزت تساؤلات متعلقة بسيادة اليمن على هذا المضيق الاستراتيجي، ولماذا تحرص قوى الاحتلال الأجنبي على انتزاع الحقوق اليمنية ولو بقوة السلاح؟

تلقي هذه الورقة الضوء على التطورات الأخيرة في منطقة باب المندب، وتطرح أسئلة من قبيل: هل تستطيع حكومة صنعاء أن تستعيد السيطرة المباشرة على باب المندب، وإزاحة القوى المدعومة إماراتيا من مواقعها في الساحل الغربي لليمن؟ وما الخيارات المناسبة لتحقيق هذا الهدف؟ وما التداعيات المرتبطة بهذه الاختيارات، لاسيما أن أعداء اليمن يعملون في الخفاء والعلن على التصعيد العسكري من جديد؟

أولا: إسرائيل وأطماعها القديمة الجديدة في باب المندب:

1- الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لباب المندب:

يعدُّ باب المندب واحدًا من أهم المضائق الدولية في العالم، وترتبط أهميته الاقتصادية والاستراتيجية بوصفه البوابة الجنوبية الوحيدة للبحر الأحمر وشريان التجارة الدولية بين الشرق والغرب؛ إذ تعبره يوميًا العشرات من ناقلات النفط العملاقة، فضلًا عن السفن التجارية والبحرية، وهذا ما يمنحه أهمية استراتيجية واقتصادية تؤثر في العلاقات الإقليمية والدولية ([1]).

يبلغ عدد السفن التي تعبر باب المندب في الظروف الطبيعية يوميًا نحو 57 سفينة، أي: ما يعادل 10% من حركة الملاحة البحرية العالمية، و4–6.2 ملايين برميل نفط يوميًا، أي نحو 9% من الإمدادات النفطية العالمية، وبإغلاق المضيق تتحول السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، ما يزيد الرحلة البحرية نحو 6,000 ميل بحري ويكلف 15 يومًا إضافيًا.

المضيق محاط بجزر يمنية استراتيجية، أبرزها ميون (بريم) وكمران، التي تشكّل نقاط ارتكاز لمراقبة حركة السفن والسيطرة على الممر، وتُقسم ميون الممر إلى قناتين: القناة الشرقية (باب إسكندر) ضيقة وضحلة، والقناة الغربية (دقة المايون) أوسع وأعمق، ما يجعلها أكثر استخدامًا من قبل السفن الكبرى ([2]).

وحصل باب المندب على اسمه العربي “بوابة الدموع” في الأيام التي حاول فيها البحارة العبور باستخدام النجوم والبوصلات والخرائط البسيطة؛ إذ دُمرت عدد من السفن في القرون الماضية، وزُهقت الأرواح بسبب الصخور أثناء محاولتها الإبحار من الفجوة الغادرة والممر المائي الضيق، المليء بالتيارات القوية والرياح غير المتوقعة والشعاب المرجانية والمياه الضحلة ([3]).

الوضع الراهـن:

تشهد اليمن انقسامًا سياسيًا حادًا؛ إذ تسيطر قوات محلية تابعة للتحالف السعودي الإماراتي على الساحل الغربي والجزر الاستراتيجية، بينما تسيطر حكومة صنعاء على مناطق ساحلية محدودة، وتتنافس القوى الإقليمية والدولية للتموضع في المضيق، أو الجزر الاستراتيجية.

وفي إطار الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، شهد البحر الأحمر استهدافًا للسفن الإسرائيلية أو المتعاملة مع الكيان من قبل القوات المسلحة اليمنية، في إطار الدعم الديني والإنساني والأخلاقي لأهل غزة، ما اعتبرته الولايات المتحدة والدول الغربية تهديدًا مباشرًا لحركة الملاحة البحرية والتجارة العالمية؛ الأمر الذي أدى إلى تشكيل تحالف سُمّي بـ ” حارس الازدهار”، بقيادة أميركية – بريطانية ضد صنعاء، وأعلن عنه وزير الدفاع الأمريكي السابق لويد أوستن من البحرين يوم 19 ديسمبر 2023([4]).  وعلى رغم أن معركة إسناد غزة قد توقفت، إلا أن التوترات في البحر الأحمر ما تزال تنذر بتصعيد عسكري قادم الأيام.

2- الدور الإسرائيلي في جنوب البحر الأحمر:

لم تُخفِ إسرائيل أطماعها في السيطرة على مضيق باب المندب؛ نظرًا لأهميته الاستراتيجية، وقد تعززت هذه الأطماع منذ وعد بلفور عام 1917 الذي منح اليهود وطنًا بديلًا في فلسطين، ويعود التواجد الإسرائيلي في باب المندب إلى ستينيات القرن الماضي، حين قررت بريطانيا الانسحاب من عدن والمحافظات الجنوبية تحت ضغط المقاومة، وكانت إسرائيل قد سبقت ذلك بنسج علاقات وثيقة مع إثيوبيا، ما أتاح لها استئجار جزر إثيوبية في جنوب البحر الأحمر، مقدمة لمحاولات التمدد والسيطرة على المضيق الحيوي ([5]).

ومن أبرز الأحداث التي شهدها باب المندب عام 1971، قيام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حاييم بارليف بزيارة لمنطقة جنوب البحر الأحمر بتاريخ 6 سبتمبر/أيلول 1971؛ بهدف تفقد المنشآت العسكرية الإسرائيلية في الجزر الإثيوبية؛ ما عكس أهمية المضيق بالنسبة لأمن إسرائيل البحري والتجاري ([6]).

حرب أكتوبر 1973 كانت محطة فاصلة بالنسبة لاهتمام إسرائيل بجنوب البحر الأحمر وباب المندب، فقد أمكن للقوات اليمنية المصرية غلق المضيق في وجه الملاحة البحرية المتجهة إلى موانئ الكيان؛ ما جعلها في حصار بحري لم تتوقعه.

3- إسرائيل وعاصفة الحزم:

تشير الوثائق التاريخية إلى محاولات إسرائيلية مستمرة لتوسيع نفوذها جنوب البحر الأحمر عن طريق أدوات استخباراتية وعسكرية، بما في ذلك التعاون مع قوى إقليمية مثل السعودية والإمارات، ودلت كثير من المؤشرات على تقاطعات مصالح إسرائيلية مع أهداف التحالف، شمل تواجد ضباط ومستشارين في العمليات الميدانية أو التنسيق الاستخباراتي مع التحالف السعودي الإماراتي.

ويلاحظ المتابع أن الصحافة الإسرائيلية أولت اهتمامًا بالغًا بهذه العملية، ويتجلى ذلك على سبيل المثال في مقال نشره المحلل العسكري الإسرائيلي أليكس فيشمان في صحيفة “يديعوت أحرنوت” تحت عنوان “ساعة اليمن تدق”، تناول فيه ما وصفه بـ”التهديدات الناشئة من اليمن” على أمن إسرائيل البحري والإقليمي، وفي تحليله، أشار أليكس إلى أن سيطرة جماعة أنصار الله (التي وصفها بالحوثيين) على ميناء الحديدة ومضيق باب المندب يُعد تهديدًا مباشرًا للملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وأكد فيشمان أن إسرائيل تقف إلى جانب ما أسماه “الدول السنية المعتدلة”، وفي مقدمتها السعودية، في مواجهة ما يُعرف بالمحور الإيراني، كما شدد على أن إسرائيل تتابع مجريات الحرب في اليمن عن كثب؛ نظرًا لانعكاساتها المباشرة على أمنها القومي، لاسيما في المجال البحري([7]).

وعلى الرغم من عدم صدور أي إعلان رسمي من إسرائيل بشأن مشاركتها العسكرية الفعلية في الحرب، سواء عبر تنفيذ ضربات جوية أم عن طريق وجود ضباط وخبراء في غرف العمليات، إلا أن تقارير إعلامية متفرقة تشير إلى وجود دور إسرائيلي فعلي في ” عاصفة الحزم “.

ثانيا: الاحتلال الإماراتي غير المباشر للموانئ والجزر اليمنية:

1- التدخل المباشر واحتلال عدن:

كانت الإمارات ضمن الدول التي شاركت في تحالف ” عاصفة الحزم ” بقوات بحرية وبرية، وبحلول نهاية أغسطس 2015، تمكنت قوات إماراتية من بسط سيطرتها على مدينة عدن، ثم على جزيرة سقطرى، وجزيرة ميون في عام 2016، إضافة إلى الساحل الغربي في المخا، الذي يخضع حاليًا لسيطرة قوات محلية تابعة لأبو ظبي.

وفي عام 2021، بدأت الإمارات بتفكيك قاعدتها العسكرية في مدينة عصب الإريترية، التي أنشأتها في سبتمبر 2015، وكانت تُستخدم لنقل الأسلحة الثقيلة والقوات السودانية إلى اليمن، ووفقًا لتقرير نشرته قناة الجزيرة ([8])، شرعت الإمارات في نقل معداتها وتفكيك المنشآت الحديثة من قاعدة عصب إلى جزيرة ميون، الواقعة في قلب مضيق باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر بالبحر العربي وخليج عدن، وتضمنت المنشأة الجديدة في ميون:

– ميناء ومهبط طائرات بطول 3500 متر.

– ثكنات عسكرية وحظائر للطائرات.

– دبابات “لوكلير”، مدافع “هاوتزر G6″، مركبات “BMP-3”.

– مروحيات هجومية وطائرات مسيّرة.

2- جزيرة عبد الكوري قاعدة استخباراتية إسرائيلية-إماراتية:

بالتوازي مع السيطرة على ميناء عدن وباب المندب، تعمل الإمارات على تحويل جزيرة عبد الكوري (وهي جزء من أرخبيل سوقطرى) إلى قاعدة استخبارية لصالح أمريكا وإسرائيل، وبحسب ما نشرته صحيفة “معاريف” العبرية، فإن القاعدة الإماراتية تُستخدم لأغراض متعددة تشمل: الرصد البحري وتحليل حركة الملاحة، واعتراض الاتصالات وتشفيرها، وجمع المعلومات الاستخباراتية في البحر الأحمر وباب المندب.

ويأتي هذا التطور بعد لقاءات جمعت رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي بقائد القيادة المركزية الأمريكية مايكل كوريل، إلى جانب قادة عسكريين من الإمارات ودول أخرى، في يونيو 2024، ما يشير إلى تنسيق أمني عالي المستوى في المنطقة، وبالتأكيد فإن هذا التوسع الأمني للدول المعادية لليمن يثير الكثير من المخاوف من انتهاك السيادة الوطنية، وتحويل سقطرى إلى نقطة اشتباك إقليمي بين القوى المتنافسة، لاسيما في ظل غياب أي إشراف يمني رسمي على هذه المنشآت ([9]).

3- مليشيا طارق صالح تغازل الكيان:

منذ 2018 ظهرت في المخا (ميناء قديم وتاريخي يقع على الساحل الغربي لليمن ومجاور لباب المندب) مليشيا مسلحة تدعمها الإمارات ويقودها طارق صالح، وتشير تقارير إلى لقاءات ضمت طارق صالح وعيدروس الزبيدي بضباط إسرائيليين وإماراتيين بهدف تنسيق إنشاء قواعد استخباراتية وعسكرية في الجزر والموانئ اليمنية، في الوقت الذي أعلن فيه الزبيدي عن استعداده للتطبيع مع الكيان الصهيوني.

وفيما تداولت مصادر إعلامية أنباء مؤكدة عن لقاءات جمعت طارق صالح بضباط إسرائيليين في مصر والأردن، كشف نائب وزير الخارجية السابق بحكومة صنعاء حسين العزي عن معلومات تفيد بوصول عناصر من الموساد الإسرائيلي إلى المخا ([10]). 

ثالثا: خيارات صنعاء لاستعادة السيادة على باب المندب:

منذ بدء طوفان الأقصى وإعلان اليمن عن المشاركة العسكرية في مواجهة الكيان الصهيوني دعما لغزة وفلسطين، تعرض ميناء إيلات / أم الرشراش لأزمة اقتصادية وملاحية حادة نتيجة استمرار تهديدات صنعاء للسفن المارة في البحر الأحمر المتجهة إلى مواني فلسطين المحتلة.

 وعلى الرغم من وقف إطلاق النار في غزة، فإن التهديد البحري الذي تفرضه صنعاء منذ نوفمبر 2023 لا يزال قائمًا، مما دفع مسؤولين في الميناء إلى طلب تدخل الولايات المتحدة ومصر لإنقاذ الموقف، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “كالكاليست” الإسرائيلية.

وزعمت “كالكاليست” أن من أسمتهم بالحوثيين، على رغم إعلانهم الالتزام بعدم مهاجمة إسرائيل بعد توقيع الاتفاق مع حماس، إلا أنهم لم يتوقفوا عن استهداف السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر باتجاه إيلات، ملوحين بأنهم سيهاجمون أي سفينة تنقل بضائع إلى إسرائيل أو تتعامل معها ([11]).

في الأثناء دعت السعودية إلى مؤتمر دولي اتخذ مسمى ” مؤتمر شراكة الأمن البحري اليمني”، استضافته الرياض في سبتمبر 2025، بمشاركة بريطانيا و40 دولة، وأقر المؤتمر بضرورة تعزيز قوة خفر السواحل التابعة للحكومة اليمنية في المنفى، ما يعني عمليًا تقليص نفوذ صنعاء على السواحل الغربية وباب المندب ([12]).

وسط هذه التطورات التي توحي بتصعيد عسكري كبير قد يستهدف صنعاء قادم الأيام، تبرز المخاوف من استخدام القواعد الإماراتية في المخا وباب المندب، في أي هجوم محتمل عن طريق البر أو البحر، فوق ذلك فإن سيطرة قوات أجنبية على مضيق باب المندب يترتب عليها عدد من الإشكالات الخطرة، لعل أهمها: المساس بالسيادة، وعدم استقلال القرار اليمني، وضعف حماية مصالح اليمن، والحد من قدرات الردع اليمنية.

هنا يبرز السؤال: لماذا يجب على صنعاء أن تسيطر مباشرة على باب المندب؟ أو بالأصح: كيف يمكن لصنعاء أن تستعيد السيطرة المباشرة على المخا وباب المندب؟

صحيح أن مسرح العمليات للقوات المسلحة اليمنية أثناء معركة طوفان الأقصى قد شمل كل المياه الإقليمية اليمنية، بما فيها منطقة باب المندب، إلا أن استمرار تواجد قوات أجنبية تخدم الأجندة الصهيوني في هذه المنطقة، قد يشكل خاصرة ينفذ منها الأعداء مستقبلا، ما يحتم على صنعاء اتخاذ خطوات مباشرة لاستعادة السيطرة الميدانية على المخا وباب المندب، مع الأخذ في الحسبان الخيارات والبدائل الآتية:

 1-  الخيار العسكري المباشر: فرض السيطرة الميدانية بالقوة العسكرية، وقد يكون هذا الخيار أقصر الطرق وأسرعها، لكنه قد يؤدي إلى تجدد الحرب وإنهاء خفض التصعيد القائم، كما قد يمنح الدول المعادية المتربصة فرصة التدخل على نحو أكبر وأشمل من ذي قبل.

2- الخيار العسكري غير المباشر مع الضغط السياسي: وذلك عن طريق تعزيز التواجد العسكري لقوات صنعاء في محافظتي الحديدة وتعز، وفي الجزر التي لم يصل إليها العدو مثل جزيرتي كمران وحنيش الكبرى، وإجراء المناورات العسكرية البرية والبحرية، مع الاستمرار في تطوير الصناعات العسكرية، وبناء أسطول بحري مكتمل القدرات والجاهزية، وبالموازاة مع ذلك يتعين تحريك ملف المفاوضات السياسية، والعمل الحثيث على كسب ولاء المجتمعات المحلية في المخا وذباب، وباب المندب، وفي المديريات المجاورة.

3- الخيار السياسي: يقوم هذا الخيار على أساس أن أي عملية تفاوضية لا بد أن تفضي إلى انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي اليمنية، بما في ذلك وقف التمويل والتدريب للمليشيات المحلية المدعومة من السعودية والإمارات.

وفي إطار هذا الخيار لا بد من رسائل إيجابية يتعين أن تبعث بها صنعاء إلى المجتمع الدولي والدول المشاطئة للبحر الأحمر تقوم على ضرورة إنهاء التواجد العسكري الأجنبي في البحر الأحمر، وأن مسؤولية الملاحة في البحر الأحمر تقع على عاتق الدول المطلة عليه قبل غيرها، ويمكن لصنعاء إيصال هذه الرسائل عن طريق قنوات التفاوض، أو عن طريق وسائل الإعلام، ومراكز الدراسات.

الخاتمة والتوصيات:

تُظهر الورقة أن مضيق باب المندب يمثل محورًا استراتيجيًا ومصدر قوة ونفوذ لأي طرف يسيطر عليه، وأن اليمن تواجه تحديات مركبة نتيجة الأطماع الإقليمية والدولية. السيطرة الفعلية على المضيق ترتبط بشكل مباشر بالسيادة الوطنية، والأمن البحري، وحماية المصالح الاقتصادية، بينما الخيارات العسكرية المباشرة تنطوي على مخاطرة عالية، إلا أن توافر أدوات الردع غير المباشرة يمكن أن تدعم صانع القرار في حكومة صنعاء، لاسيما إذا أحسن توظيفها إلى جانب الضغط السياسي والدبلوماسي. 

وعليه يوصي الباحث ابتداء بتعزيز بناء القدرات العسكرية للقوات البحرية والصاروخية والطيران المسير، بما يؤدي إلى سيطرة يمنية شاملة وفعلية على منطقة باب المندب ومراقبة تحركات السفن الأجنبية التي تمر من المضيق، كما يتعين على حكومة صنعاء العمل في مسارات موازية ومتوازنة للوصول لهذه الغاية، ونقترح الخطوات الآتية:

1- العمل على علاقات متوازنة مع موسكو وبكين، وفتح قنوات اتصال مباشرة عن طريق الأطر الدبلوماسية أو عن طريق المؤسسات التجارية، والاستفادة من مبادرة الحزام والطريق الصيني، واقتراح مشاريع تنموية على طول الساحل اليمني تخدم التجارة الإقليمية، مثل مناطق حرة أو خطوط نقل بحرية.

2- فتح قنوات اتصال مباشرة وغير مباشرة مع الدول المطلة على البحر الأحمر؛ لضمان الأمن الجماعي للملاحة، وتقليل دور القوى الأجنبية.

3- تعزيز دور وسائل الإعلام الوطنية للحديث عن حق السيادة اليمنية على مضيق باب المندب والمياه الإقليمية، ورفض التواجد العسكري الأجنبي في الجزر اليمنية بوصفها حقوقًا قانونية دولية، وتوضيح مخاطر السيطرة الأجنبية على الملاحة الدولية؛ لكسب الرأي الدولي.

مصادر ومراجع:

[1] –  باب الدموع…مضيق دولي استراتيجي، موقع الحنادق، متاح على الرابط:

https://alkhanadeq.com/post/6365
[2] –  باب المندب: المضيق الاستراتيجي الذي يربط الشرق بالغرب، موقع الطبيعة، متاح على الرابط: https://naturetopic.com/2025/06/23/what-is-bab-al-mandab

[3] – الممرات المائية وأهميتها: باب المندب نموذجًا، الموقع الرسمي للجيش اللبناني، متاح الرابط:  https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content

[4] –  دعم محدود للتحالف الأميركي ضد الحوثيين في البحر الأحمر الجزيرة نت، متاح على الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2023/12/22/

[5] – صفاء كاظم عباس: الأطماع الإسرائيلية في مضيق باب المندب 1967 – 1995، مجلة دراسات في التاريخ والآثار:

https://jcoart.uobaghdad.edu.iq/index.php/2075-3047/article/view/1023
[6] – عبدالله بن عامر: إسرائيل وباب المندب: المضيق سيقع بأيدينا، موقع الخبر اليمني، متاح على الرابط: https://alkhabaralyemeni.net/2018/12/14/37661

[7] – نشر موقع عربي 21 ملخصا عن المقال بعنوان: معركة اليمن فرصتنا لقطف ثمار استراتيجية، متاح على الرابط:

http://arabi21.com/story/820029

[8] – تحقيق الجزيرة: الإمارات تعيد نشر معدات عسكرية من إريتريا إلى اليمن والحدود المصرية الليبية، متوافر على الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2021/3/8

[9] – جزيرة عبد الكوري تتحول إلى قاعدة تجسس إسرائيلية بغطاء إماراتي، موقع عربي21، متاح على الرابط  https://arabi21.com/story/1710416/

[10] –  بتنسيق إماراتي … طارق صالح يستقبل ضباط من الموساد الإسرائيلي لتنفيذ مهمة خطيرة للغاية، موقع الجديد برس، متاح على الرابط:  https://www.aljadeedpress.net/archives/104007

[11] –  كلكاليست: ميناء إيلات يستنجد بواشنطن والقاهرة لوقف حصار الحوثيين، الجزيرة نت متاح على الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2025/10/20

[12] –  الرياض تحتضن مؤتمر «شراكة اليمن لأمن الملاحة» بمشاركة 40 دولة، صحيفة وموقع عكاظ، متاح على الرابط: https://www.okaz.com.sa/news/politics/2213585

كاتب عبدالرحمن مطهر  – صحفي وباحث سياسي

المصدر: مركز آفاق اليمن للأبحاث والدراسات

اقرأ أيضا: الدكتور الدرويش يتحدث عن خيارات صنعاء إزاء التصعيد السعودي الإماراتي في حضرموت والمهرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى