الأستاذ عبد العزيز البغدادي .. متى يعلم الورثة أن أمن المملكة من أمن اليمن؟!

الأستاذ عبد العزيز البغدادي .. متى يعلم الورثة أن أمن المملكة من أمن اليمن؟!
يوميات البحث عن الحرية
متى يعلم الورثة أن أمن المملكة من أمن اليمن؟!
- عبد العزيز البغدادي
الاثنين19مايو2025_
بعض الملوك المعاصرين باتوا يخجلون من استمرارهم ملوكاً، لأن صفة الملك للحاكم تعني أن كل أفراد الشعب إنما هم عبيد، ومن بين الملوك من يدرسون كيف يتم التخلص من النظام الملكي، وسيكون حدثاً مثيراً وعظيماً أن يثور ملك ويحول المملكة إلى جمهورية وأن يكون آخر الملوك وهذا ما يفكر به ملك بريطانيا الحالي (تشارلز الثالث) مع أن الملكيات الدستورية قد حولت الملك أو الملكة إلى منصب مراسيمي شرفي، لذلك فإن قيام ملك من الملوك بالإيصاء بشأن عام فيه مهانة للشعوب!!.
يُقال أن الملك عبد العزيز آل سعود قد أوصى أولاده الوصية التالية:
(خيركم من اليمن وشركم من اليمن)
ومن خلال الوقائع التاريخية منذ بداية تكوين المملكة وحتى يوم الناس هذا يبدوا أن مهندس الوصية راعى توسع المملكة السعودية جغرافيا ، والذي ما زال يمتد وبالذات جهة اليمن التي تنخرها اختلافات أبنائها الممولة من المملكة نفسها وهو نهج يوحي به المهندس ذاته إلى الورثة كوقاية من الشر المزعوم، والمسؤولية الأولى عن هذه الخلافات بالتأكيد تقع علينا نحن اليمنيين، وهذا ما يهمنا فهمه والعمل على سرعة الخروج من نفقه المظلم!.
ويعلم ويجب أن يعلم حكام آل سعود بأن الشعب اليمني قد أثبت عبر تاريخه القديم والحديث بأنه ليس شعباً عدوانياً ،لأنه شعب حضاري ، ومن علامات الشعب الحضاري أن لا يكون عدوانياً ، ويميل إلى التعايش والسلام مع جواره والعالم ،حتى قبل نشوء الدول الحديثة التي صنعت أو صُنعت لها الحدود لتكون معياراً لسيادتها على ركن الإقليم، الركن الذي تمارس عليه ومن خلاله الدول سيادتها وتنشئ سلطاتها وشخصيتها القانونية لتكتسب من خلالها الحقوق وتقوم بكافة الالتزامات والاعتراف بها من قبل بقية أعضاء المجتمع الدولي الممثل في الأمم المتحدة التي تعاهدت على احترام ميثاقها كمحور ومنطلق لقواعد ومبادئ القانون الدولي ، واليمن من أوائل الدول المؤسسة للأمم المتحدة .
إذاً فالوصية والوصي عبر عن أقسى صورها ترامب خلال زيارته الأخيرة من خلال أبشع صور الابتزاز والاستهتار بالعرب الذين وضعوا أنفسهم هذا الموضع المشين المشهود.
زعم هذا الترامب أن دولته العظمى ستحمي السعودية من أي عدوان عليها في إشارة إلى أنه سيحميها من اليمن وأي دولة عربية وبالذات الدول التي توسعت المملكة على حسابها، وإلا فممن سيحميها طالما وأن من بين أجندة هذه الزيارة أو الغزوة التهيئة للتطبيع العلني مع الكيان الصهيوني بالتزامن مع تفاقم عدوانه البشع في دك غزة وسحق عظام أبنائها.
والوصي المفسر للوصية (بريطانيا) هو نفسه حامي حمى إسرائيل ومن منحها فلسطين التي ورثتها عن أجدادها ثم الولايات المتحدة الأمريكية شريكها الاستراتيجي في كل ما يطال الفلسطينيين واليمنيين طبعا مع التأكيد على أن المسؤولية الأولى تقع على كل المتناحرين على السلطة اليمنية الضائعة وعلى الشعب الصامت في مواجهة كل هذا الغباء!.
هذا الوصي يقوم بشحن عقول ورثة آل سعود بأن اليمن يجب أن لا تقوم له قائمة وأنه في حال قامت ستكون خطر على المملكة التي توسعت بالسيف الأملح كما يقولون ليس حرصاً على السعودية ومملكتها ولكن حرصاً على المصالح غير المشروعة للولايات المتحدة وبريطانيا التي كانت عظمى خلالها بسط نفوذها العسكري المباشر على أجزاء شاسعة من العالم ثم تحولت إلى اعتماد الاحتلال غير المباشر أي عبر أدواتها التي زرعتهم في مناطق متفرقة من هذا العالم !.
هذا لا ينقص من قيمة أي دولة تبسط نفوذها على الدول التي تتدخل في سياساتها .
النقص والعجز من نصيب الدول المستسلمة لأوهام التوسع غير المشروع التي تبنيه على حساب جيرانها خدمة لمصالح الأوصياء الدوليين؟!
أيليق بأي دولة أن تكون حديقة خلفية لدولة أخرى؟!.
وهل من المفرح والمشرف أن تستقبل دولة رئيس دولة سماها البقرة الحلوب بالرقص مهما كانت عظمة الدولة التي يرأسها ؟!
وهل من المقبول أو المعقول أن يقوم أمير دولة أو دويلة من الدول المسماة بدول الخليج العربي بإهداء هذا الرئيس المبتهج جداً ومن حقه أن يبتهج إلى أقصى الحدود ، هل يعقل أن يقوم هذا الأمير بإهداء قصر طائر قيمته المعلنة أربعمائة مليون دولار لرئيس دولة تدعم الدولة الصهيونية بكل المستوى المشاهد والمعاش من الإجرام وفي نفس الوقت الذي يجري فيه استكمال عملية إزالة غزة من الوجود ، ويصرح بأن غزة سيكون موقع أرض جميل استثماري بعد استكمال إبادة شعبه .
وهذا الرئيس تطلق عليه وسائل إعلام عديدة (بالرئيس المعتوه) فمن هو المعتوه يا ترى؟! .
وكم نسرد من التصرفات اللامعقولة لهذه الدول والدويلات المصنعة في قلب وخاصرة هذا الوطن المسمى بالعربي أبرزها أن قيمة الحلبة الجديدة للبقرة العربية الحلوب وتوابعها قد بلغت حوالي أربعة تريليون دولار في ظروف توحي بان ما افرزه هذا الضرع المبارك إنما هو مكافأة لدور ترامب ونتنياهو في إبادة الشعب الفلسطيني !.
والأعجب أن من بين من يحسبوا في خانة المستنيرين من ينظر لهذا النشاط المحموم ومن يصف مفاجأة ترامب بالفتح المبين والمفتتح لما يسمى (الشرق الأوسط الجديد) فأي شرق وأي سرق وأي أوسط وأي جديد؟؟؟!!.
ما علينا، المهم أنكم أيها الإخوة الجيران الذين طغوا وبغوا علينا بالاستعانة بهذه الدول المارقة مخطئون في تفسير وصية مورثكم وفي نظرتكم إلى اليمن كحديقة خلفية معتمدين على من تعتقدون أنهم يمثلون الشعب اليمني من المتاجرين بالوطن .
لنترك عُقد التاريخ وننظر الى واقع الجغرافيا والديمغرافيا فنفكر في علاقة سوية !.
نحن وإياكم جيران فإذا أردتم بناء أخوَّة تبقى فلا أظن أن ما تفعلون مع اليمن يليق بما يجب أن تكون عليه علاقة الأخ بأخيه، لأن الإخوة بين الدول لا تكون من خلال لجنة خاصة لشراء الولاءات وإعاقة بناء الدولة اليمنية ! وإنما بدعم دولة تحترم نفسها ويليق بها أن تحترم جيرانها !.
الدولة اليمنية القوية منفعتها لعموم اليمنيين وعموم الجزيرة لو كنتم تعقلون!.
واليمنيون كرام ولو أنفقتم نصف حَلبَة من حَلبات ترامب خلال غزوته الأولى والثانية في سبيل منع الاعتداء الذي توحي به إليكم أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية طبعاً لكان ذلك لكم حصناً منيعاً ضد القراصنة الذين يأتون إلى المنطقة من وراء المحيطات ، مساسكم بكرامة اليمنيين مساس بكرامتكم وستعلمون ذلك ولو بعد حين والشعب الأمريكي لا يستفيد من هذه الغزوات غير المشروعة على المدى البعيد وحكماء أمريكا وبريطانيا يدركون ذلك !.
اليمن عمق الجزيرة العربية وقلبها وقلعتها، وتمزيقه ضار بكم وباليمن، وأفضل طريق نحو علاقة أخوية صادقة مع اليمنيين هو دعمهم من خلال عدم التدخل في شئونهم وفي تكوين سلطة موحدة تمثلهم وهذا هو الترجمة الفعلية للتعبير عن احترام مبدأ حسن الجوار!.
كونوا مع الحياة
وانفضوا غبار السنين
افتحوا الأبواب والنوافذ
كي يعم السلام
ليس السلام بالتعالي والإملاء
ولا بجبروت الطغاة
وألاعيب المنافقين
اقرأ أيضا للكاتب:صناعة الجهل والإعلام المتلاعب بالعقول!
