كتابات فكرية

الأستاذ عبدالعزيز البغدادي يكتب عن بطل الوحدة وإشكالية الخلط بين الخاص والعام في ممارسة السلطة!

 الأستاذ عبدالعزيز البغدادي يكتب عن بطل الوحدة وإشكالية الخلط بين الخاص والعام في ممارسة السلطة!                  

 يوميات البحث عن الحرية.. بطل الوحدة وإشكالية الخلط بين الخاص والعام في ممارسة السلطة!.                        

  • عبد العزيز البغدادي

الاثنين2يونيو2025_

في رده على اليوميات السابقة المنشورة في صحيفة الشورى بعنوان: (إلى المختلفين حول زعامة الوحدة) بتاريخ الثلاثاء الماضي 27 يونيو 2025 رد الصديق العزيز الأستاذ حسن حمود الدولة على ما كتبت بمقال عنوانه ( الأستاذ علي سالم البيض بطل الدولة الاتحادية: توضيح الحقائق التاريخية التي أغفلها مقال القاضي البغدادي الأخير) نشر بتأريخ 30 يونيو  2025 .

ومن المؤكد أن نقد أي عمل فكري أو مادي سواء في الاقتصاد أو القانون أو السياسة أو الاجتماع أو أي نشاط يكشف الحقائق إذا تمسك الناقد بكامل حريته في نقد الأشخاص والأعمال التي يقومون بها سواء كانوا في السلطة أو خارجها ، لان السلطة في البلدان المحكومة بمنهج الحرية والديمقراطية إنما هي وسيلة لتحقيق طموحات وآمال الشعوب الحرة!.

وأي شخص يمارس عملا عاما أو خاصا يجب أن يكون محل نقد سواء كان في أعلى السلم الوظيفي أم في أدناه، بل أن من هم في أعلى السلم ينبغي أن يكونوا أكثر خضوعاً  للنقد والمساءلة ، لارتباط السلطة بالمسؤولية.

 والأشخاص الطبيعيين يتفاوتون في إحساسهم بالمسؤولية وفي نظرتهم إليها والتزامهم بمقتضياتها، لان المفترض أننا نعيش اليوم في ظل دولة القانون وتعني دولة المواطنة المتساوية كما تعني دولة المؤسسات، وأي تصرف خارج هذا المبدأ لم يعد مشروعاً!.

 وهنا أود مناقشه أهم ما ورد في مقال الأستاذ حسن الدولة بكل احترام ومودة مع الاحترام والإجلال كذلك لشخص المناضل علي سالم البيض.

أناقش المسالة من منظور كون الأستاذ البيض قد وقَّع على اتفاقية الوحدة بصفته أمينا عاما للحزب الاشتراكي اليمني ورئيساً لمجلس الرئاسة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية..وحينها كان الحزب الاشتراكي حزباً حاكماً وسياسة النظام في الجنوب قائمة على الجمع بين سلطة الدولة وسلطة الحزب الواحد وهو خطأ مارسه الحزب الشيوعي السوفيتي ودفع ثمن ذلك ومازال،حيث أدى به وبالدولة السوفيتية إلى الانهيار على يد الزعيم الأوحد الأخير جورباتشوف وفق تفصيلات هي محل نقد ودراسة المهتمين بدراسة هذه المسالة ضمن مسائل التأريخ السياسي !.

كما أن الرئيس الراحل علي عبد الله صالح قد وقع على الاتفاقية بصفته رئيسا للشطر الشمالي  من الوطن المعروف بالجمهورية العربية اليمنية ورئيسا للمؤتمر الشعبي العام وهو الكيان الذي كان حديث الولادة أي المستحدث ليكون شريكاً للحزب الاشتراكي في تقاسم  مناصب سلطة دولة الوحدة !..

النقد السياسي للأشخاص الطبيعيين والمعنويين لابد أن يكون متحليا بالقدر اللازم من الشجاعة والمسؤولية والاحترام والصدق وعلى جميع السلطات أن تهيئ المناخ المناسب لممارسة النقد المسؤول..يقول الأستاذ الدولة في مقدمة مقاله 🙁 سوف اخصص هذا الرد ليس نقدا لشخص الصديق القاضي عبد العزيز البغدادي – بل تصحيحا للوقائع التاريخية التي أغفلها مضمون مقاله حول وحدة اليمن وسوف أرد على الذين ينكرون على الأستاذ علي سالم البيض مد الله بعمره ) انتهى الاقتباس

ولا أدر من أنكر عليه وماذا أنكر؟!.

هذا المقتبس حيرني من جانبين:

الأول : أن مقالي لا يتعلق بإثبات أو إنكار وقائع تاريخية لأي من شريكي الوحدة!.

أما الجانب الثاني: – فان مقالي كذلك يأت ضمن جملة مقالات كتبتها منذ المراحل الأولى للاحتفاء المبالغ به بالوحدة الحلم وكانت مقالات تدق ناقوس الخطر ؛بدأتها في صحيفة الأيام وأتذكر منها مقالين الأول بعنوان استفهامي : ( هل الوحدة في خطر؟!) والثاني بعنوان يتضمن محاولة للإجابة على السؤال الأول : ( لهذا الوحدة في خطر!.)ومع بداية التأزم السياسي المبكر جدا أي بعد توقيع الاتفاق على الوحدة مباشرة.فيما يعني أن الأمور مخطط لأن تسير فعليا في الاتجاه المعاكس للوحدة ، أي أن الشريكين وقع على الوحدة واتجه لممارسة الانفصال في ظل دولة للوحدة لم تدرس بدقه وحرص تفاصيل بنائها بما يضمن عدم قدرة أي من شريكيها على اتخاذ إجراءات أحاديه تضر بالآخر.

وأنا هنا اقصد الحرص على عدم  الإضرار بمسار الوحدة وترسيخها والالتزام بتسخير مقدرات الوطن الموحد لتمتين الوحدة الحقيقية الغير قابلة للاهتزاز أو للاختراق من أي طرف معادٍ لها داخليا أو خارجياً.

 يقول الأستاذ الدولة: (فمن الثابت أن الشماليين بزعامة الرئيس علي عبد الله صالح نزل إلى عدن وفي جعبته مشروعان للوحدة ، إما فيدرالية أو وحدة “كونفدرالية” إلا أن علي سالم شخصيا ودون تنسيق مع أروقه قيادات الحزب في اللجنة المركزية وبالتحديد في: نفق جولد مور ( يقصد فندق” جولد مور” اتخذ قرارا مصيريا ، وحقق حلما طالما تمناه الشعب اليمني، وعرض الوحدة الاندماجية )! انتهى الاقتباس والرد على ما تضمنه هذا المقتبس من مقال صديقي الدولة يتطلب حيزاً كبيراً بل إلى بحث معمق حول الزعامة وما جرتنا وما تزال تجرنا إليه من ويلات وكوارث.

ولعل الخطأ الذي تضمنه رده (نفق قولد مور)! له دلالة توجب التوقف عندها مليا وكأنه خُط بقلم القدرة !، لان تصرف الأستاذ البيض مع كامل الاحترام لشخصه حسب ما هو ثابت ليس من خلال هذا المقتبس فحسب وإنما من كل الوقائع التي تخالف قواعد التصرف في الشأن العام خاصة في ظل تلمس كيفية بناء دولة المؤسسات وليس دولة الزعماء أو الملوك أو الإمبراطوريات!.

إذا لا اعتقد أن من المناسب أن يقدم رئيس الدولة والحزب وبالأخص بعد التحول نحو التعددية السياسية والحزبية قبل الوحدة على تصرف بهذا الحجم على مسؤوليته الشخصية لأنه تصرف يخالف قواعد التصرف في الشأن العام  لما ينبني عليه من  آثار على مشروع دولة الوحدة كاملة  لأن تصرف كل من الشريكين في هذا سيكون له تبعاته على دولة الوحدة!.

 ومن الأمثلة الداعمة لتوضيح هذه المسألة أورد الشهادة التالية:

عقب اعتكاف الأستاذ البيض في عدن وبعد أن فشلت جهود كل الوسطاء كان من واجب اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين أن يبذل جهوده ومحاولة فتح باب الحوار معه ، وكان من حظي أن أكون شاهدا على واقعة كنت أحد المشاركين فيها حيث.كنت ضمن قوام الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الذين كلفوا من المجلس التنفيذي للاتحاد برئاسة الأستاذ الشاعر المناضل يوسف محمد الشحاري رئيس الاتحاد والأساتذة المرحومون الأستاذ المناضل عمر الجاوي والأستاذ الشاعر سلطان الصريمي والأستاذ الشاعر إسماعيل الوريث والشاعر والقاص زين السقاف والشاعر والقاص عبد الرحمن الاهدل والشاعر والناقد احمد ناجي احمد، وكاتب هذه السطور وإذا فاتني ذكر غيرهم  أرجو المعذرة ،  كانت المهمة النزول إلى عدن لمقابله الأستاذ علي سالم البيض في مقر اعتكافه نتيجة التأزم بينه وبين شريك الوحدة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح ، نزلنا في فندق صغير أقيم حديثا في المنحدر المؤدي إلى فندق جولدمور (نفق قولد مور!).واستمرت محاولة تحديد موعد للقاء الأستاذ البيض من صباح الخميس إلى قرب فجر ليلة الجمعة حيث ابلغنا بأنه وافق على اللقاء ويدعونا لتناول طعام الغداء في منزله بمنطقة المعاشيق ظهر يوم الجمعة أي نفس يوم اتصاله..والتمس غالبينا للبيض العذر، لان تأزمه بلغ مبلغه نتيجة بعض التصرفات وكان تردده عن قبول اللقاء فيما يبدوا تجنبا لأي إحراج قد يدفعه للتراجع عن تنفيذ ما عزم عليه خاصة لمكانة اتحاد الأدباء وقيادته الوطنية كالشحاري والجاوي المتيم بالوحدة بأي ثمن وهو بنظري  تردد في غير مكانه، لأن سماع أي رأي في القضايا العامة على كل من يحتل أي موقع في أعلى سلم السلطة بل عليه أن يسعى للاستماع  للرأي المخالف لرأيه، لا أن يصد من يسعى لإسماعه ما يجب أن يسمع !. تم اللقاء وتناولنا الغداء وكان من كرم أخلاقه الواضح قيامه بخدمه ضيوفه بنفسه ، وكأنه كان يحاول تلطيف أي رد فعل لعدم تلبيته طلب اللقاء به بالسرعة الواجبة تقديرا للمعنى الذي يمثله اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الذي يرتبط اسمه بالوحدة ومعانيها الحقيقية ولمكانة الشخصيات التي طلبت اللقاء..ويجب أن لا ننسى أن عدن هي الحاضن الأول للوحدة ، فهي من احتضنت المؤتمر التأسيسي للاتحاد وكأنها تمثل مكانا محايدا لا يخضع لأي  من سلطتي التشطير وهي المدينة التي تأسست في ساحتها مختلف المؤسسات التي تمثل الحركة الوطنية اليمنية في مراحلها التأسيسية الأولى قبل ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر 1962و14أكتوبر 1963وبعدهما ..عقب تناول طعام الغذاء سارع الأستاذ البيض بافتتاح جلسة المقيل بالترحيب بنا قائلا انتم مرحب بكم دائما ، ولكن ما جئتم من اجله لم يعد مقبولا لسبب بسيط وصلت إليه نتيجة لمعاناة لعلكم لا تجهلونها ، ولأني أخطأت بالوحدة الاندماجية فعلي تصحيح هذا الخطأ فبادرته بصورة تلقائية بالقول : أخشى أن تصحح الخطأ بخطأ اكبر ، وقلت في نفسي يبدو أن هذا تجاوز مني لوجود رئيس الاتحاد والأمين العام إلا أن الجميع امنوا على ما قلت واعتبروه مفتتح مناسب للحديث !.

 لم يعد على قيد الحياة من الحضور سوى الدكتور عمر عبد العزيز الذي أحييه وكان حينها السكرتير الإعلامي للأستاذ البيض والمشرف على إذاعة عدن أو مديرها والأستاذ احمد ناجي احمد وكاتب هذه السطور!..

يعلم صديقي العزيز الأستاذ حسن الدولة أنني لست ممن يقبل باستخدام ألقاب وصفات الترميز والتمجيد للأشخاص مثل الزعيم والقائد الرمز والعلم وغيرها من الألقاب التي تفقد الشخص الموصوف توازنه وتهيئ المجال لتغول السلطة واستمرار احتكارها.ثم أن موقع الرئيس أو الشخص الأول في السلطة لا يجوز أن ينسب إليه مجد هو نتاج وحصيلة جهود كل الصادقين الأوفياء لقضايا اليمن أيا كان موقعهم في السلطة أو خارجها ومن جميع الفئات والاتجاهات والأفكار والمعتقدات . .

الوحدة بالتأكيد محور كل القضايا ولا تكون كذلك إلا بالحرص على بناء دولتها وفق القواسم المشتركة ونبذ المصالح الشخصية الضيقة والامتناع عن الخلط بين الخاص والعام في إدارة الشأن العام والوظيفة العامة!..دور من بذلوا جهودا في هذا السبيل من خارج السلطة يجب أن يخلد بصورة اكبر من ممن وقعوا على عمل سياسي مهم بمناسبة احتلالهم مواقع في السلطة، وهو هنا اتفاق الوحدة لان التوقيع ما هو إلا تحصيل حاصل لجهود متواصلة رسمية وشعبيه لتحقيق هذا الهدف ، وممن جاهد في هذا السبيل كما أشرت الأستاذ عمر الجاوي كشخص طبيعي واتحاد الأدباء كشخصية اعتبارية ، وأرجو أن لا يؤخذ هذا التحديد على سبيل الحصر وإنما على سبيل المثال !. أن أي جهد بدله أي وزير من وزراء الوحدة أو مسؤول في كلا مؤسسات السلطتين الشطريتين مهما كان حجم هذا الجهد دون ذكر الأسماء له أهميته بالتأكيد ولكنه جاء نتيجة لممارسة وظيفة وإن اختلف الإخلاص في أدائها !.وان واقع الحال الذي تعيشه اليمن اليوم من التشرذم والتمزق والارتهان للخارج بهذه الصورة المهينة والمخزية، وبغض النظر عن نقاط الاختلاف والاتفاق بيني وبين صديقي في ما احتواه بقية مقاله ، وفي مقالي السابق محل رده  فان هذه الحالة التي تعيشها اليمن  تضع أكثر من علامة استفهام وتعجب  في مواجهة كل من يشغلوا أنفسهم بالبحث عن بطل لوحدة لم يعد لها وجود إلا في الأحلام ، أي أن اليمنيين مع الأسف الشديد قد عادوا إلى موقع الحلم بالوحدة ، بل وبدون مبالغة فإن واقع الحال اليوم أكثر بؤسا من الانفصال الذي كان قائما قبل 1990 ، فهل يحق لنا في هذا الواقع أن نحتفل بالوحدة وان نختلف حول من هو بطلها؟!.

 وقد أكدت في أكثر من مقال أن شعار الوحدة أو الموت في مواجهة الوحدويين الحقيقيين من أبناء الجنوب هو شعار انفصالي بامتياز ويجب على من رفعه من الأحياء أن يعتذر ومن مات لا يجب أن يدعى بطلاً لأن الوحدة بسبب أخطائه الفادحة باتت في مهب الريح!!.

اقرأ أيضا : الأستاذ عبد العزيز البغداي يكتب إلى المختلفين حول زعيم الوحدة!

اقرأ أيضا للكاتب: الأستاذ علي سالم البيض بطل الدولة الاتحادية: توضيح الحقائق التاريخية التي أغفلها مقال القاضي البغدادي الأخير

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى