يوميات البحث عن الحرية للأستاذ عبدالعزيز البغدادي

يوميات البحث عن الحرية للأستاذ عبدالعزيز البغدادي
- عبد العزيز البغدادي
الاثنين 8 ديسمبر 2025-
هل ما يزال هناك من لا يرى الخطر المحدق باليمن لا بل الهاوية المستمر المضي في الانحدار إلى قعرها منذ قرابة 11 عاما على الاقل بفضل تحكم النخب الحاكمة في الظاهر المحكومة في حقيقتها والتي قفزت لتسليم زمام الحكم في وطنها للأجنبي بعد أتيح لها السطو عليه دون اية حسابات وطنية!
فقط شهوة الحكم دفعت بهم الى جحيم الاستقواء بالخارج وأبعدتهم عن طريق الشراكة الوطنية مع كل من يؤمن بأن السلطة ملك الشعب وليست وسيلة لقهره عن طريق دعاوى الحق الإلهي الباطلة، أو غيرها من الدعاوى غير المشروعة التي يسعى أصحابها للاستحواذ على السلطة باستباحة الدماء والاعتداء على الحريات والحقوق!
هل ما زال هناك من لا يرى هذا الخطر على وطننا العزيز على كل من يعزه ويعتز به ويحترم ماضيه، طبعا ليس كل ماضيه لان في الماضي ما يعكس بؤس حاضر البعض ولؤمهم وطيبة البعض الاخر من ابنائه وهوانهم على الله وعلى أنفسهم!
ومن الطيبين من بلغت بهم طيبتهم حدا من السذاجة اعتقد انها السبب الرئيس فيما فعله ويفعله اللئام البائسين بوطن عزيز كريم يفترض انه وطنهم!
ولكنهم لا يرون واجبهم نحوه ولا حقهم عليه والحق والواجب لابد ان يكونا متوازنين متقابلين ينبضا بالحياة.
المواطنة قد تُكتسب في معظم ارض الله الواسعة او التي كانت واسعة ثم ضاقت بالسياسات الرعناء.
تكتسب المواطنة في كثير من البلدان الحرة في مدد قصيرة بحساب الزمن وتتكون لدى المواطن المكتسب لها بوطنه الجديد رابطة حب مقترنة بالمصلحة في سرعة الدمج والاندماج وما تؤدي اليه من تاليف بين القلب والعقل!
ولا يمكن أن تقصر المساحة وسياسات البؤس بالأماني او رنين الخطابات ولا بالوعود الكاذبة، وانما بالحب الحقيقي والاخلاص في العمل والتقوى الصادقة واضحة الثمار!
طالت المقدمة قليلا كما يبدو قياسا بضيق مساحة اليوميات، لكن السبب الرئيس هو تسارع رقعة البؤس الذي نعيش، ولذي صنعه ويصنعه اليمنيون بوطنهم واثني واثلث وحتى ينقطع النفس او تصل الاعداد منتهاها بان صانع البؤس الذين نعيشه وكل هذه البشاعات التي تنزل بجسد الوطن اليمني وطن الحكمة والايمان كما يردد الخطباء والدعاة المدعين!
صانعوا كل هذا البؤس ومن مفرداته هذا الوجود البدوي القميء للسعودي الاماراتي الصهيوني البريطاني الامريكي الايراني الذي لا يهمه بالطبع ما يمس اليمن الطاهر وينهش جسده ويحطم عظامه.
هذا الوجود بكل تفاصيله منبعه ومصدره واسه واساسه وسببه ومقدمته هو نحن اليمنيين اولا، اما الاخرون فلهم اوطان يخدمون مصالحها، وما يصنعونه بوطننا امر طبيعي بالنسبة لهم، ولكن الغير طبيعي ما نصنعه بوطننا!
لولا نحن ما وجد الاستبداد والطغيان ولا وجد الاستعمار ولا انتهكت السيادة، فمن داخل الحَبَّة بفتح الحاء يولد التسوس، وكما تكون المقدمات تأتي النتائج!
لا غرابة إذا مما يجري في حضرموت، فما حدث وما سيحدث ليس سوى جزء من الفصول الأخيرة من مسرحية عرائس الشرعية التي تدارا من خارج الوطن!
والمعلوم أن مصدر أي شرعية إنما هو مالكها وهو الشعب فأين الشعب من كل هذه العرائس وما تقوم به؟
من يملك الإجابة عن هذا السؤال وكل التساؤلات هو من بيده أمرها وتمويلها فهو من خطط لها وهو من يصنع الإرهاب ويوجهه من محافظة إلى أخرى ومن دولة الى أخرى وهو يقسم نفوذ المليشيات المتعددة ويأمر بنقلها من مكان إلى آخر حسب اجندته، ليس بالضرورة بالأمر المباشر لكل العرائس وإنما بالتحكم في الأفعال وردود الأفعال، وهي سياسة متبعة في تسيير الكائنات غير العاقلة!
الخطاب السياسي لما أطلق عليه: تحالف قبائل حضرموت رغم عقلانيته التي تبدوا من خلال تأكيده على كونه يعبر عن خطوة اضطرارية تمهيدية للدخول مع بقية الأطراف السياسية اليمنية في حوار ينبثق عنه صيغة متفق عليها تنهي حالة الانقسام الذي تنعدم فيه الحكمة اليمانية لأنه من صنع قوى اقليمية مصطنعة.
ورغم مدنية خطاب تحالف قبائل حضرموت ، فقد كان الاحرى والاجدى أن يسمى تحالف حضرموت ، لأن المجتمع الحضرمي من أبرز مكونات المجتمع المدني اليمني ليس فقط لدوره المدني في نشر الإسلام عن طريق القدوة الحسنة حسب مفاهيم ذلك الزمان في جنوب آسيا دون غزو ولا عدوان ولا عنف ، وإنما لأنه أي الإنسان الحضرمي المدني قد ساهم بفعالية في تكوين تحالف دولة حضارية قبل الاسلام اسمها دولة (يمنات وسبأ وقتبان وذوريدان ) وحينها لم يكون للسعودية والامارات اللتان تعوثان في أرض اليمن فسادا منذ اكثر من عشر سنوات ) و لا لغيرهما أي وجود على شكل دول !.
نقول هذا مع كل الاحترام للقبيلة كمحطة اجتماعية، ومن المؤكد أن بين القبائل اليمنية وفي المقدمة ما يسمى قبائل حضرموت من هم على درجة عالية من الوعي والاحساس بالمسؤولية تجاه كل هذا العبث السعودي الإماراتي بما في ذلك رجال المال والاعمال الذين كونوا أنفسهم وثرواتهم بكدهم وعرقهم ومعاناتهم ولا فضل لأحد عليهم!
على العكس هم من لهم فضل على كل الخليج لما عرف عنهم من ذكاء ومثابرة وأمانة في التجارة وإدارة المال العام والخاص وما قدموه من جهود وخبرات في بناء تلك البلدان.
ولو وجدت في وطنها أنظمة تحترم أبنائه وتستفيد من قدراتهم وطاقاتهم لأدركت هذه الأنظمة أن وطنهم اولى بما قدموه، مع أن شعوب كل بلدان الجزيرة تقع في خانة الاستهداف رغم كل مظاهر العمران والترف الذي يبدوا على مدنها، ما جعل الكاتب الراحل عبد الرحمن منيف يصفها بمدن الملح!
استغراب المستغربين لما حدث في حضرموت هو المستَغرَب لأن هذا الذي حدث ليس سوى فصل من فصول المسرحية العبثية الهزلية التي تتباهى السعودية والامارات ومن تحالف مع القذارات التي تنشرها في ربوع اليمن منذ وطأتها وبالذات في جزيرة سقطرى اليمنية وبقية جزر وسواحل اليمن!
على كل يمني حر يريد معرفة حقيقة ما قامت وتقوم به هاتين الدولتين في وطنه إعمال الذاكرة حول كيف هندست السعودية بواسطة عملائها وخبراء سوء الجوار منذ البدء فيما أسمي مؤتمر الحوار الوطني الذي رأسه أغبى رئيس في العالم كما وصفته صحيفة ألمانية حيث كان يظهر حماقة واضحة كلما أراد أو أريد من خلاله تمرير قرار ما يخدم السير في طريق احداث الفراغ السياسي المخطط له للتهيئة للتدخل السعودي المباشر في الشأن اليمني.
تلى مسرحية الحوار البدء بسيناريو جديد لترتيبات مريبة في إحداث الفراغ السياسي تم ملئه بصورة مخالفة للدستور وتلاحقت الوقائع التي منها استقالة الرئيس العبقري وبحاح وهروبهما في ظروف يكتنفها الغموض وفي طريق الهروب إلى مهندس الفراغ (السعودية) وولي امرها أعلن الرئيس المستقيل المسمى الرئيس الشرعي التراجع عن الاستقالة ليبدأ العدوان على اليمن بشراسة تحت عنوان دعم الشرعية لتستمر رحلة العودة منذ أكثر من عشر سنوات ولم تصل حتى الآن والى أن يشاء الله!.
لقد صار اليمن بفضل النخب الحاكمة ومنهم من يجيد صناعة ورص الحروف لنقد بقية النخب وهو من ابرزهم والمحسوبة على اليمن، وكذا بفضل السعودية والامارات باتت اليمن بفضلهم جميعا في وضع أصبحت معه العودة إلى ما قبل الحلم بثورة الشباب في 11فبراير 2011 أو حتى العودة الى الانفصال أمنية بعيدة المنال! .
وأخيرا يستغرب الجميع مما قام به تحالف حضرموت، وكأن الأوضاع قبل بداية ديسمبر الجاري 2025. مستقرة ووحدة الدولة اليمنية قد عادت وكل شيء على مايرام .
هذه السريالية السياسية إن جاز التعبير دفعت البعض إلى التساؤل عما إذا كان للقات علاقة بما يجر في وطننا اليمن السعيد وطن الإيمان والحكمة؟
لا غرابة يا صاحبي
لو رأيت الصحارى
تعشعش فوق رؤوس القبيلة
او رأيت المطايا
تقود الجبال الى المجزرة
او الى حيث تنعدم البوصلة.
اقرأ أيضا للكاتب: الأستاذ البغدادي يتساءل: هل يمكن ان تتحول أعمال البر والتقوى الى جريمة؟


