كتابات فكرية

مكافحة الفساد بدمج الأجهزة الرقابية وبشراكة الإعلام

 مكافحة الفساد بدمج الأجهزة الرقابية وبشراكة الإعلام

 مكافحة الفساد بدمج الأجهزة الرقابية وبشراكة الإعلام

  • بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب

 السبت 11يناير2025_

الفساد آفة خطيرة تدمر مؤسسات الدولة وتنهب أموال الشعب لتحقيق مصالح شخصية وتعطل التنمية والخدمات العامة ومكافحته واجب وطني ومحل إجماع الجميع الذي يعتبره الشعب أولوية في أي جهود إيجابية.

في اليمن وفي ظل الظروف الصعبة الذي يمر بها ،من حرب طاحنه لسنوات وتوقف معظم الموارد يجعل من الفساد خيانة عظمى فإذا كان الفساد في الوضع الطبيعي جريمة ففي الأوضاع الاستثنائية والحروب تعتبر خيانة عظمى لا تسامح معها ويستلزم توقيف ثقوب الفساد الذي تبتلع الموارد العامة واستعادتها لتغطي تلك الموارد أهم الاحتياجات والخدمات لعموم الشعب.

هناك صعوبة كبيرة في فتح جبهة حرب جديدة مع الفساد وتحتاج هذه المعركة لإرادة عليا وشراكة إيجابية لجميع الأجهزة الرقابية وفي مقدمتها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ولجنة المناقصات وغيرها من الأجهزة المعنية بالرقابة والحفاظ على المال العام ، وتعزيز دورها الإيجابي في مكافحة الفساد والتي  لن تتحقق تلك الشراكة ولن تثمر جهود مكافحة الفساد ما لم يتم توحيد جبهة مكافحة الفساد وضم جميع الأجهزة الرقابية ضمن هيئة واحدة لتوحيد الجهود وإزالة التعارض  والتنازع في الصلاحيات والمهام والاختصاصات والاستفادة من إيجابية قوانين تلك الأجهزة والصلاحيات الواسعة لها وضم كل تلك الصلاحيات في هيئة واحدة موحدة بدلا من تشتيت الجهود في عدة أجهزة، والاستعانة بخبرات وتجارب بعض الدول في هذا الجانب ، وبالإمكان إصدار قرار جمهوري بقانون ينص على توحيد الأجهزة الرقابية وضمها جميعا تحت كنف الهيئة العليا لمكافحة الفساد كقطاعات.

ولمكافحة إيجابية للفساد وتحقيق ثمرة جهود مكافحة الفساد المتمثل في استرداد الأموال والحقوق العينية والنقدية التي نهبها الفساد يستوجب المسارعة في جهود تجميد تلك الأموال قبل ضياعها وفقدانها بجهود متسارعة وتفعيل التعاون مع المجتمع الدولي لاسترداد الأموال التي نهبها الفساد وإعادتها لصندوق مستقل ومتخصص يتم إنشاؤه بهذا الغرض ،وفقا لشروط ومحددات اتفاقية مكافحة الفساد بتوريد كافة الأموال المستردة من وقائع الفساد إلى هذا الصندوق وضبط إجراءات الصرف منها وفق آلية شفافة ومعلنة بحيث تكون أولوية الصرف للمشاريع التي تعثرت بسبب نهب أموال تلك المشاريع، واستكمال إجراءات تنفيذها المتعثرة ونسبة لا تقل عن عشرة في المائة من الأموال الموردة للصندوق يتم صرفها للمبلغين عن وقائع الفساد لتشجيع المواطنين للإبلاغ عن وقائع الفساد وبقية الأموال يتم تخصيصها لتنفيذ مشاريع وطنية تغطي أولويات احتياجات الشعب وان تكون كافة إجراءات التوريد للصندوق والصرف منه بشفافية ومعلنة لعموم الشعب وهذا يستلزم ان تكون هناك شراكة مع وسائل الإعلام المختلفة ، وكذلك رسمية و مستقلة وحزبية ، لنشر معلومات مستجدات جهود مكافحة الفساد وفقا لآلية تعاون شفافة يتم فيها دمج أخبار ومعلومات جهود مكافحة الفساد مع آليات تعريفية بالفساد وجذوره ومسبباته ومخاطرة واليات الوقاية والحد منه ووسائل الإبلاغ عنه والمكافئات التشجيعية للمبلغين عن الفساد لتحفيز المجتمع للإبلاغ عنه .

وبالتزامن مع كل ذلك يتم تفعيل وتسريع إجراءات التحقيق لدى نيابة الأموال العامة بعد فصلها عن جهاز النيابة العامة لتكون نيابة الأموال العامة نيابة مستقلة عن النيابة وبنائب عام مستقل ومتفرغ لمتابعة قضايا الفساد لدى نيابة الأموال العامة وبصلاحيات مطلقة ومستقلة لتسريع إجراءات التحقيقات القضائية في نيابة الأموال العامة ومتابعة إجراءات المحاكمة لدى محاكم الأموال وصولا إلى تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في وقائع الفساد والتي تختص بتنفيذها نيابة الأموال العامة الذي نقترح وبإصرار بان يتم فصلها عن جهاز النيابة العامة العادية كون قضايا الفساد لها خصوصية ويستلزم التسريع في إجراءاتها قبل ضياع وفقدان أموال الشعب في ثقوب الفساد .

وبالمثل محاكم الأموال العامة يستلزم الاهتمام بها وإنشاء شعب استئنافية للأموال العامة في جميع المحافظات وثلاث دوائر في المحكمة العليا متخصصة في قضايا الأموال العامة لتسريع إجراءات قضايا الأموال العامة ورفدها بكوادر قضائية متخصصة في قضايا ووقائع الفساد وتسريع إجراءات المحاكمة وإصدار أحكام نهائية وباتة خلال فترة بسيطة لا تزيد عن ستة أشهر منذ بداية الإبلاغ والتحقيق والمحاكمة وصولا لتنفيذ الأحكام واسترداد الأموال.

والى جوار تلك الجهود يستلزم تفعيل مكتب مفوض المعلومات والمركز الوطني للمعلومات وتفعيل الشفافية الكاملة في كافة إجراءات مؤسسات الدولة وعقودها ومنح وسائل الإعلام كافة المعلومات عن كافة أنشطتها وعقودها إحالة من يمتنع إلى التحقيق لمخالفته لقانون حق الحصول على المعلومات ولا يتوقف ذلك فقط لوسائل الإعلام بل أيضا من حق جميع المواطنين الحصول على معلومات ووثائق وعقود مؤسسات الدولة هذه الشفافية هي من تكشف الفساد في منبعه وتحقق رقابة سابقة ومصاحبة ولاحقة لوقف الفساد في جميع مراحله وكشفه قبل استفحاله الجميع يجب أن يكون تحت مجهر واسع يرصد كافة التحركات ويبلغ عن أي وقائع فساد وتوقيفها في مهدها وبما يخلق بيئة مشبعة بالنزاهة وخالية من الفساد.

كما ونؤكد على أن جميع جرائم الفساد ليست فقط مالية ، وإنما هناك العديد من قضايا الفساد الإدارية وهي اخطر من القضايا المالية والمتمثلة في تعيين أشخاص وفقا للشللية والمحسوبية والقرابة ووووالخ وما يترتب على الفساد الإداري من ضياع حقوق ونهب للمال العام وما إلى ذلك وسيكون بالتأكيد لنا وقفة مع هذا الجانب ، وقضايا الفساد إجمالا لا تسقط بالتقادم وفقا للقانون اليمني وهذا يعزز من أهمية فتح تحقيقات واسعة في كافة وقائع وجرائم الفساد دون قيدها وحصرها في أعوام محددة بل يستوجب تحريك كافة الملفات القديمة والجديدة وبالية متسارعة ودون أي تمييز ولا استثناء وعدم التوقف إلا بعد استرداد أموال الشعب الذي ابتلعها الفساد .

وفي الأخير :

نؤكد على أهمية تفعيل إجراءات مكافحة الفساد وتعزيز التعاون الإيجابي بين الأجهزة الرقابية وبين وسائل الإعلام الرسمية وكذلك المستقلة لتدشين حملة وطنية واسعة ومعلنه في مواجهة الفساد وتحويل المعركة مع الفساد من تحت الطاولة وتوقيف وتجميد البعض منها إلى معركة مكشوفة فوق الطاولة لا تسامح مع الفاسدين ولا تتوقف ملفات الفساد باعتبارها أصبحت قضايا رأي عام وأموال عامه للشعب يستلزم اطلاع عموم الشعب على مصير أمواله ومصير الفاسدين.

ويستلزم تسريع الإجراءات في جميع وقائع الفساد بدمج كافة الأجهزة الرقابية تحت كنف الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد لإنهاء الازدواجية والتعارض فيما بينها ويكون صوت واحد وجبهة واحده لمكافحة الفساد وتفعيل نيابة الأموال العامة وسلخها عن جهاز النيابة العامة وتعيين نائب عام لمكافحة الفساد مستقل عن جهاز النيابة العامة العادية كون قضايا الفساد لها خصوصية وأهمها السرعة والاستعجال في إجراءاتها ولن يتحقق ذلك إلا بنائب مستقل ومتفرغ لمكافحة جرائم الفساد ومتابعة حثيثة لتحقيقها وإحالتها لمحاكم الأموال العامة بإجراءات مستعجلة  حتى صدور أحكام قضائية نهائية وباتة خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر منذ بداية الإبلاغ عن جريمة الفساد وحتى صدور الأحكام فيها وتنفيذها  ليتم تنفيذها واسترداد أموال الشعب الذي ابتلعها الفساد سواء كانت تلك الأموال مازالت داخل الوطن أو ملاحقتها لخارج الوطن بتعاون دولي لتحقيق ذلك وإيداعها في صندوق مستقل وفقا لاتفاقية مكافحة الفساد مع التأكيد أن جرائم الفساد لا تسقط بالتقادم وهذا ما يستلزم فتح جميع ملفات الفساد في جميع مخازن الأجهزة الرقابية والقضائية واستكمال إجراءاتها بسرعة.

يجب خلق بيئة نظيفة خالية من الفساد مشبعة بالنزاهة والشفافية دون سرية ولا كتمان ولن يتحقق كل ذلك إلا بشراكة إيجابية مع وسائل الإعلام الرسمية والمستقلة لاطلاع الشعب على جهود مكافحة الفساد وإضعاف قوة الفاسدين كونهم لا يستطيعون التحرك إلا في بيئة مشبعة بالسرية والظلام والكتمان وبتفعيل الإعلام يتوقف الفساد وينقشع عن وطننا الحبيب بإتاحة كافة المعلومات والوثائق لإجراءات وعقود كافة مؤسسات الدولة دون تمييز ولا استثناء وتمكين وسائل الإعلام وجميع المواطنين منها لكشف وقائع الفساد في مهدها وتوقيفها في نقطة انطلاقها ووقاية المجتمع من آفة وجريمة الفساد الذي نؤكد بأنها في الوضع الاستثنائي خيانة عظمى وليست فقط جريمة جسيمة ونأمل أن لا تتوقف جهود مكافحة الفساد تحت أي مبرر ولا ظرف مهما كان وتوقيف جميع المتهمين في وقائع الفساد من أعمالهم فور فتح تحقيقات فيها حتى لا يعرقلون جهود مكافحة فسادهم.

  عبدالرحمن علي علي الزبيب

إعلامي مستقل ومستشار قانوني

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا للكاتب:خطوط عامة لليمن الجديد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى