كتابات فكرية

مضاعفة أسعار خدمات المستشفيات الحكومية والأدوية خلل يستوجب الضبط

مضاعفة أسعار خدمات المستشفيات الحكومية والأدوية خلل يستوجب الضبط

مضاعفة أسعار خدمات المستشفيات الحكومية والأدوية خلل يستوجب الضبط

بقلم/ عبدالرحمن علي الزبيب

تضاعفت أسعار الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية في اليمن خلال العشر السنوات الماضية بشكل كبير وفي نفس الوقت تراجعت جودة تلك الخدمات والى جوار ذلك تضاعفت أسعار الأدوية في السوق المحلية بشكل جنوني وغير معقول في ظل ضعف مستوى الاقتصاد الوطني وتراجع مستوى دخل المواطن وانقطاع المرتبات وتراجع سعر صرف العملة الوطنية.

ولتوضيح ذلك بإيجاز سنتناول هذا الموضوع في قسمين رئيسين القسم الأول : ستناول فيه ارتفاع ومضاعفة أسعار الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية بالمخالفة للنصوص الدستورية الذي تنص على مجانيتها والقسم الثاني : سيتم فيه تناول ارتفاع ومضاعفة أسعار الأدوية في السوق المحلية وبشكل جنوني وغير معقول كالتالي :

القسم الأول : ارتفاع ومضاعفة أسعار الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية

في بداية رفع أسعار ورسوم الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية كان مبرره انخفاض الإيرادات العامة والرفع كان يهدف لتغطية تكاليف ونفقات تشغيل تلك المستشفيات ولكن استمرار مضاعفة الرسوم تحولت المستشفيات الحكومية من جهات خدمية يستوجب دعمها حكوميا من إيرادات الضرائب والجمارك والموارد العامة الأخرى وتحولت إلى جهات إيراديه يتم تحويل إيراداتها إلى الخزينة العامة لدعم الموازنة العامة للدولة وهذا إجراء خاطئ فاقم من الوضع الإنساني في اليمن ومنع كثير من المواطنين من الذهاب إلى المستشفيات الحكومية لإجراء المعاينة والفحوصات والعمليات الجراحية بسبب ارتفاعها ومضاعفتها بشكل جنوني وغير مبرر مما رفع مستوى الوفيات في المجتمع اليمني واستسلم الكثير من أبناء الشعب اليمني للأمراض لتنخر أجسادهم حتى يسقطوا موتى نتيجة عدم قدرتهم دفع الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية وتراجع جودتها .

بالرغم من أن الدستور اليمني نص صراحة على أن الرعاية والخدمات الصحية حق لجميع المواطنين وأوجب على الدولة كفالة تمتع جميع المواطنين بالخدمات الطبية والتوسع في الخدمات الصحية المجانية حيث نصت المــادة(55) من الدستور اليمني على : 

( الرعاية الصحية حق لجميع المواطنين وتكفل الدولة هذا الحق بإنشاء مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية والتوسع فيها وينظم القانون مهنة الطب والتوسع في الخدمات الصحية المجانية ونشر الوعي الصحي بين المواطنين .)

وهذا النص الدستوري يتناقض ويتعارض مع واقع الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية الذي تضاعفت أسعارها ورسومها ولا تتوافق مع النص الدستوري بمجانيتها وانها حق لجميع المواطنين الفقير والغني وغير محصورة فقط في الأغنياء او الأشخاص القادرين على دفع رسوم الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية فأين يذهب الفقير رغم انه مواطن ولها الحق في خدمات طبية مجانية .

ولأهمية حق المواطنين في الخدمات الطبية المجانية أأكد على ذلك الدستور اليمني وأهميتها وجعلها ركن أساسي لبناء المجتمع حيث نصت المــادة(32) من الدستور اليمني على : 

( التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية أركان أساسية لبناء المجتمع وتقدمه يسهم المجتمع مع الدولة في توفيرها )

ورغم تلك النصوص الدستورية الواضحة التي تؤكد أن الخدمات الصحية حق لجميع المواطنين وخدمات مجانية الا ان الواقع في اليمن يسير عكس تلك النصوص ويضاعف أسعار ورسوم الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية وبشكل جنوني وغير معقول بالرغم من الخدمات الطبية خدمات إنسانية وليست مشاريع استثمارية وإيراديه .

مشكلة المستشفيات الحكومية في اليمن هو اختلالات في إدارة الإيرادات العامة بشكل عام وخصوصا للمستشفيات الحكومية والنظر إليها على أنها جهات إيراديه تدعم خزينة الدولة وليست جهات خدمية يستوجب دعمها من الإيرادات العامة الأخرى من ضرائب وجمارك وغيرها.

وهنا يستلزم الوقوف بشكل جاد وصارم أمام هذا الخلل الجسيم ووجوبية توقيف مضاعفة أسعار ورسوم الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية ومراجعة جميع إيرادات ونفقات المستشفيات الحكومية وضبطها بشكل شفاف ومنع إحالة أي إيرادات للخزينة العامة للدولة وإنما تكون في حسابات خاصة في البنك المركزي لتغطية التكاليف الحقيقية للخدمات الطبية دون تجاوز أو خلل أو فساد وبما يؤدي ذلك الى تراجع كبير في أسعار ورسوم الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية وتحسين جودتها وضمان استمرارية عملها دون توقف أو انهيار بسبب سوء الإدارة المالية لها إيرادا ونفقات ومنع منح صلاحيات لإدارة المستشفيات في التخفيضات لبعض المرضى المعروفين لدى الإدارة او بموجب توصية من جهة أو وزارة أخرى وان يكون هناك ضبط للإيرادات والنفقات بما يخفض النفقات غير الضرورية ويخفض بذلك الإيراد المطلوب لتغطية التكاليف وتنخفض مباشرة أسعار الخدمات الطبية وبخصوص الجودة يستلزم أن يكون هناك رقابة وتقييم مستمر لأداء جميع كوادر المستشفيات الحكومية وتصويب أي خلل او قصور في أداؤهم واتخاذ إجراءات تأديبية صارمة ضد من يتخاذل او يتهاون او يقصر في أداء عمله في المستشفيات الحكومية وعلى نقيض ذلك يستوجب مكافئة المحسنين المجيدين لعملهم .

عندما نتكلم عن المستشفيات الحكومية واختلالات وقصور أداؤها وارتفاع أسعار ورسوم خدماتها ينطبق كل ذلك على جميع المراكز الطبية الحكومية وساء التي داخل تلك المستشفيات من مراكز قلب وعين وأورام وغيرها أو مراكز طبية حكومية خارج المستشفيات الحكومية سواء كانت في المدن أو الريف.

ثانيا : ارتفاع ومضاعفة أسعار الأدوية في السوق الوطنية

ارتفعت وتضاعفت أسعار الأدوية في السوق الوطنية في اليمن بشكل جنوني وغير معقول في ظل غياب عجيب وغير مبرر للجهات الرسمية المختصة بضبطها وفي مقدمتها وزارة الصحة ووزارة الصناعة والتجارة والهيئة العليا للأدوية الذي يستوجب عليها ضبط أسعار الادوية وعدم رفعها ومضاعفتها بشكل جنوني وغير معقول لرفع مستوى أرباح الشركات المستوردة للأدوية وكذلك المصنعة لها ولو حساب المواطن اليمني الفقير الذي يتجرع ألم ووجع المرض بسبب عدم قدرته على دفع سعر الأدوية الذي تضاعفت أسعارها بشكل جنوني وبإمكان الجهات الرسمية المختصة فقط عمل مقارنة في أسعار الأدوية للمستهلك في اليمن ومقارنتها بأسعارها في مصر مثلا سنجد أن أسعارها في اليمن أضعاف سعرها في مصر وهذا لا يستطيع أحد التحقق منهى الا بإجراءات رصد وتقييم ومقارنة بين أسعار الأدوية في اليمن ومصر وإلزام شركات الأدوية في اليمن بضبط أسعار الأدوية في إطار معقول وتخفيض أسعار الأدوية لتتلاءم مع ظروف الشعب اليمني والاكتفاء بأرباح بسيطة وعدم رفع الأسعار لرفع الأرباح بشكل جنوني وغير معقول دون النظر لظروف الشعب الفقير.

يجب أن يكون هناك تدخل إيجابي وصارم لضبط وتخفيض أسعار الأدوية في اليمن وضبط الأرباح في نسبة مأوية لا تزيد عن واحد في المائة فقط 1% كون الأدوية احتياج أنساني وليست رفاهية واستثمار ليتم رفع أرباحها بشكل جنوني .

يستلزم أن يكون لوزارة الصحة دور إيجابي لضبط أسعار الأدوية ووضع سقوف لأسعار جميع الأدوية يمنع تجاوزها أسوة بوزارة الصناعة والتجارة الذي كان لها جهود وتحركات إيجابية لضبط أسعار السلع والخدمات .

استمرار تجاهل وزارة الصحة والهيئات والمؤسسات التابعة لها لموضوع ضبط أسعار جميع الأدوية يضع علامة استفهام وتعجب كبيرة على ذلك ويجعل من المواطن يشكك في وجود علاقات ومصالح غير مشروعة مع الشركات المستوردة والمصنعة للأدوية ولكسر تلك الرؤية يستوجب على وزارة الصحة الشروع في إجراءات رصد أسعار جميع الأدوية في اليمن أسوة بأسعارها في مصر مثلا وإنزال قوائم سعرية بها أسوة بوزارة الصناعة والتجارة وتعميم تلك القوائم على جميع شركات ومصانع الأدوية ليبدأ بعدها مباشرة إنزال فرق ضبط قضائي ميدانية لضبط المخالفين واتخاذ إجراءات رادعة ضدهم بما فيها إغلاق شركاتهم ووقف تراخيص وكالتهم للأدوية التي ترفض تلك الشركات الالتزام بالقوائم السعرية الصادرة من وزارة الصحة .

كما يستلزم على وزارة الصحة تصحيح مسار الأدوية المجانية المقدمة من المنظمات الدولية لليمن لتكون أدوية مناسبة وإعلان ونشر وجود تلك الأدوية وإفساح المجال للمواطنين للحصول على تلك الأدوية المجانية بإجراءات سهله ودون تعقيد وإلزام جميع الأطباء في اليمن في عدم فرض أدوية محددة للمرضى لشرائها وان يكون هناك خيارات متعددة للمريض لشراء مايريد حسب قدرته وإمكانياته المالية لان استمرار فرض بعض الأدوية من قبل الأطباء للمرضى يضع علامة استفهام كبيرة حول ذلك وهل هناك مصالح بين شركات الأدوية مالكة وكالات تلك الأدوية وبين أولئك الأطباء الذين يجبرون المرضى على شراؤها حصرا دون خيارات أخرى ويفترض على وزارة الصحة إنزال تعاميم على جميع الأطباء بمنع كتابة الأسماء التجارية للأدوية في رشدات الأدوية والاكتفاء بالاسم العلمي والجرعة المحددة دون حصرها في أسماء تجارية لتلك الادوية وتدريب وتأهيل الأطباء في الصيدليات على ذلك واستقبال شكاوى وبلاغات لمخالفات الأطباء لذلك واستمرارهم في كتابة أسماء تجارية للأدوية وعدم كتابة الاسم العلمي والجرعة المحددة لها .

وفي الأخير :

نطالب وزارة الصحة والهيئة العليا للأدوية ووزارة الصناعة والتجارة لسرعة اتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لضبط وتخفيض أسعار ورسوم الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية كونها جهات خدمية وليست جهات إيراديه وضبط أي خلل ينخر في الإيرادات و النفقات لها وبما يخفض أسعارها بشكل كبير كون الخدمات الصحية حق لكل مواطن ويستوجب تقديمها مجانا وفقا لنصوص الدستور اليمني وليست جهات إيراديه ترفد الدولة بإيرادات عامه وعدم التساهل او التباطؤ في ضبط وتخفيض أسعار ورسوم الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية.

كما يستوجب ضبط أسعار الأدوية في السوق الوطنية وتخفيض أسعارها وبما يتوافق بأسعارها في الدول المجاورة مصر مثلاً وإنزال قوائم سعرية لجميع أسعار الأدوية وضبط أي شركة أدوية او مصنع أدوية تخالف تلك القوائم السعرية .

ونؤكد أن مضاعفة أسعار خدمات المستشفيات الحكومية والأدوية خلل يستوجب الضبط.

بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب

إعلامي مستقل ومستشار قانوني 

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا:الإجازة القضائية تعطيل لقضايا المواطنين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى