السعودية ووضعية الأسد المريض

السعودية ووضعية الأسد المريض
بقلم: محمد الفرح
الاثنين 15 ديسمبر 2025-
لا أحد ينكر أن دول الخليج تخشى السعودية خشيةً “كخشيةِ الله أو أشد خشية”، وأن مظاهر الاصطفاف معها لم تكن تعبيرًا عن قناعة، بل نتيجة خوفٍ تاريخي ومجاملةٍ فرضها ثقل القوة. فالسعودية، لعقود كانت عامل هيمنة أرهب جيرانها أكثر مما طمأنهم.
اليوم، هذا المشهد ينقلب. فالإمارات، على وجه الخصوص، لم تعد ترى في السعودية ذلك “المخيف” الذي لا يُمس، بل أسداً مريضاً شاخ وفقد قدرة الحسم، وقوةً مترهلة تتآكل من الداخل، وتفتح أخطاؤها المتراكمة نوافذ لم تكن متاحة من قبل.
وفي هذا السياق، لا تخفي أبوظبي شعورها بأن اللحظة مواتية لتصفية حسابات مؤجلة، والانتقام من سنوات عجاف عاشها الخليج تحت سطوة القرار السعودي ونزقه.
تقرأ الإمارات المشهد ببرودٍ قاتل: قيادة سعودية محدودة الخبرة السياسية، دائرة مستشارين ضعيفة ومربكة، تفكك مكتوم داخل الأسرة المالكة، تخبط في إدارة الملفات الإقليمية، استنزاف مهول في اليمن، وسمعة دولية مشوهة، وتحوّلها إلى هدف لجرأة إعلامية غير مسبوقة.
في المقابل، تمتلك أبوظبي خبرة تقنية راكمتها في ساحات الصراع، وأدوات نفوذ حديثة، ودعمًا غربيًا وإسرائيليًا يرى في تمدد دورها مصلحة استراتيجية مباشرة.
وفوق ذلك، أجرت الإمارات عدة اختبارات للسعودية، ففي أكثر من ملف ومحطة جسّت نبضها، وكانت ردود الفعل السعودية مغلّفة بخطاب الحكمة وحقن الدماء، وهي إشارات ضعف التقطتها الإمارات بخبث.
من هذا المنظور، تتحرك الإمارات بمنطق الفرصة. فهي ترى أن هزيمة السعودية لم تعد احتمالًا، بل يقينًا حتمياً، وأن التسريع به قد يعيد رسم توازنات الخليج لعقود.
وهنا يفرض السؤال نفسه: هل تكون الإمارات القشة التي قصمت ظهر البعير؟
وهل يكتب التاريخ أن سدًّا واسعًا انهار حين عرف الفأر أين ينهش، ومتى؟
وهل ينتهي المطاف بها إلى مصير يشبه ما آل إليه الاتحاد السوفيتي، حين سبق التآكلُ السقوط؟
اقرأ أيضا: العامري: محاولات أميركية “إسرائيلية” لإعداد فرضيات جديدة في اليمن





