كتابات فكرية

الثبات الثبات يا فرسان اليمن

 الثبات الثبات يا فرسان اليمن

  • د. كمال البعداني

             تعد معركة القادسية من المعارك الفاصلة في التاريخ العربي الإسلامي ،  ففي مثل هذه الأيام من شهر نوفمبر  من العام 636م  ، التقى في منطقة القادسية من ارض العراق ، الجيشان . العربي الإسلامي بقيادة الصحابي سعد بن أبي وقاص  ، والجيش الفارسي بقيادة ( رُستم )أعظم قادة الفُرس . كان عدد جيش المسلمين ستة وثلاثين ألف , منهم ما يقرب من تسعة آلاف من أبناء اليمن ، وفيهم ثلاثمائة من الصحابة ،  منهم بضعة وسبعون من البدريين ، بينما كان الجيش الفارسي أكثر من مئة وعشرين ألف مقاتل ، استمرت معركة القادسية أربعة  أيام ، وهي أول معركة يستمر  فيها القتال ليلاً ونهارا . وقد كانت الغلبة فيها باليوم الأول للفرس والذين فاجئوا المسلمين بسلاح  الفيلة ( ثلاثة وثلاثين فيل ) تحمل فوقها  مقاتلين داخل صناديق يرشقون المسلمين بالسهام  ، فكانت الخيل تفر من الفيلة  وقد كان تركيز  الفرس وكتيبة الفيلة في اليوم الأول على  قبيلة بجيلة اليمانية ، التي كان على  رأسهم الصحابي جرير بن عبد الله البجلي، وكانوا على ميمنة الجيش ، بينما كان يقود الميسرة (قيس بن مكشوح البجلي المرادي ) ، كانت الميمنة والميسرة في معركة القادسية من مهمة فرسان اليمن ، وقد استشهد  منهم الكثير في اليوم الأول  ، وكان المنادي ينادي :  الثبات الثبات يا فرسان اليمن ، الثبات الثبات يا جُند الإسلام ، الله الله لا يؤتى الإسلام من قِبلكم في هذا اليوم  وانتم أنصار الله ورسوله ،  فثبتت الميمنة والميسرة  ، رغم الهجوم الكاسح من الفُرس وخاصة على بجيلة في الميمنة ،وقد قال الطبري : أن بأس الناس ( قوة الجيش ) كان في الجانب الذي فيه بجيلة  .. 

اليوم الثاني من المعركة

 مع صمود فرسان اليمن  وتضحياتهم في اليوم الأول  وثباتهم  في الميمنة والميسرة ، في وجه الهجوم الفارسي الكاسح والذي أراد إسقاط احد  الجناحين للجيش الإسلامي  ،  جاء اليوم الثاني فتعادلت الكفة مع الفرس ، خاصة بعد أن تم معرفة  نقاط الضعف عند الفيلة  ، فتم تحييدها بعد ذلك ، ومع  إشراقة  صباح اليوم الرابع  بدأت الكفة تميل لصالح المسلمين  ، وفي منتصف نهار ذلك اليوم المجيد السادس عشر من شهر شعبان  من السنة الخامسة عشر  للهجرة ، الموافق التاسع عشر من شهر نوفمبر ( مثل هذا اليوم )  سنة 636م  قُتل ( رستم ) قائد الجيش الفارسي  ، فانهار الجيش  الفارسي وعبر النهر متراجعا ، فتبعه المسلمون وقتلوا منهم الكثير وغرق منهم الكثير في النهر .  وعند غروب شمس ذلك اليوم الخالد  كانت  البداية الفعلية لغروب الإمبراطورية الساسانية التي حكمت لمدة ( 416) سنة ، وكذلك الإمبراطورية الفارسية التي تأسست عام 559 قبل الميلاد ، ، كان غروبها على يد أصحاب  سيدنا محمد ،وأبناء أصحاب سيدنا محمد ، وأتباع سيدنا محمد عليه وعلى آله وأصحابه أفضل  الصلاة والسلام ، وفي شهر صفر من السنة السادسة عشر للهجرة  ، كان فتح المدائن عاصمة الفرس  ومسكن ملوكهم في ارض العراق ، فأرسل سعد ابن ابي وقاص الغنائم إلى الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ، والذي اخذ يتفقدها ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، اخذ الخليفة يقلبها  وينظر إلى الأشياء الصغيرة فيها  ثم يلتفت إلى على بن أبي طالب قائلًا: يا أبا الحسن  : قوم حفظوا مثل هذه الأشياء وأرسلوها إلى هنا لا شك أنهم أمناء ، فيجيبه صاحبه علي بن أبي طالب قائلاً  : يا أمير المؤمنين عَفَفْتَ فَعَفُّوا ولو رَتَعْتَ لَرَتَعُوا ..  استشهد من المسلمين في معركة القادسية ما يقرب من تسعة ألف شهيد  وقتل من الفرس ما يقرب من أربعين ألف قتيل .. رحم الله تلك الأرواح التي ترقد في ارض القادسية منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة . سلام الله عليكم يوم جاهدتم   ويوم استشهدتم ويوم تبعثون . سلام الله عليكم نبعثها من ارض اليمن حيث يرقد معكم في ارض القادسية الآلاف من أجدادنا ، سلام الله عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

اقرأ أيضا:  البحر اليمني ..أين موقعه في المناهج الدراسية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى