الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب عن التداول السلمي للسلطة

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب عن التداول السلمي للسلطة
يوميات البحث عن الحرية .. فضيلة التداول السلمي للسلطة!
- عبد العزيز البغدادي
 
الاثنين 3 نوفمبر 2025-
لفضيلة مصطلح يغلب عليه المعنى الديني واستخدامه هنا كمضاف لمبدأ سياسي هو؛ (التداول السلمي للسلطة انما يأتي من باب المكانة التي يحتلها هذا المبدأ في الحياة السياسية المعاصرة نظرا لما يؤدي اليه الالتزام به من اثر انساني بالغ الاهمية في ايقاف دوامة العنف والعنف المضاد بين الاطراف المتصارعة على السلطة منذ الازل تارة باسم الدين واخرى باسم الوطنية وثالثة باسم القومية او باسم انقاذ العدالة من تغول الحكام الظلمة!.
ودوامة العنف شغلت وما تزال تشغل التاريخ السياسي في معظم بلدان العالم، واكثرها حدة البلدان التي ما تزال الحروب المقدسة مستعرة في ارجائها، وهي بالتأكيد قداسة اختلطت بالمدنس لان للحلال والحرام فقهاء وعلماء او من يطلق عليهم كذلك !، يصدرون الفتاوى حسب الطلب دون خشية من الله او تقوى!.
لان تلك الفتاوى ليست في الحقيقة سوى استجابة لحاجة الحاكم الذي يتبعونه في كل فتاواهم السياسية المرتدية ثوب ديني، اي انهم ليسوا اكثر من اداة من اخطر ادوات الحكام يحللون لهم الحرام ويحرمون الحلال استجابة لأهوائهم وامزجتهم وما ابشع اهواء وامزجة الحكام المستبدين ورغباتهم وضمائرهم المعجونة بشهوة التسلط والفجور والفساد مهما اظهر التقوى والصلاح والزهد وما أظلم من يجاريهم!.
فأقوال الطغاة الموشاة بعبارات الزهد والفضيلة ليست في حقيقتها سوى تغطية لأفعالهم المقيتة والخبيثة!.
لقد باتت عملية الخلط بين الدين والسياسة اذا عملية خطرة تعدت آثار خطورتها آثار وتداعيات الاستبداد في صورته المعروفة في العصور القديمة لماذا؟!.
ببساطه شديدة لان زيادة عدد السكان في البلدان التي لا تزال تسير حركة الحكام المستبدين نشوة التسلط ونزوة الاستعلاء والفردية غير المبصرة في اتخاذ القرار هذه الزيادة في عدد السكان يتبعها بالتأكيد حاجة اكثر الحاحا في ان تكون خلفيات اصدار القرار مستوعبة لتراكم وتزايد المشكلات الناتجة عن زيادة عدد السكان وتغير الظروف والاحوال!.
اي ان الزيادة في عدد السكان التي يتبعها زيادة في المشكلات تصبح تحديا لابد من دراسة كيفية مواجهته والحكم الاستبدادي لا يعبأ بتزايد المشكلات لأنه مشغول فقط بكيفية ترسيخ استمرارية حكمه!.
لكن هذا التحدي في المجتمعات والدول الحرة حقيقة يتحول الى فرصة!
أما كيف؟ فيمكن قراءة ذلك بإيجاز في النقاط التالية:
1- تفاقم المشاكل واتساع دائرتها حفز المجتمعات الحرة المبدعة على البحث عن حلول انجع وادق دفع علماء وفلاسفة ونخب هذه المجتمعات والبلدان الحرة في مختلف مجالات الحياة الى البحث في طبيعة النظم السياسية القائمة ووصلوا إلى نتيجة علمية خلاصتها أنه ينبغي ان تتغير النظم تبعا لتغير الظروف السياسية الاجتماعية والاقتصادية واعتبار ذلك متطلب ضروري دوري يتجدد كلما استجدت ظروف ، وهذا تصبح على خير أصبح منهج الشعوب الحية والسلطات التي تمثلها بالفعل لا بالقول !.
2- ومن المؤكد ان اول خطوة اهتدى اليها العقل الحر المبدع هي التفكير في تغيير وظيفة النظام السياسي الفردي الذي ارتبط وجوده بوجود المجتمعات البدائية وما زال مهيمنا حتى الساعة في مساحات واسعه من العالم.
ونظام الحكم الفردي بطبيعته قام ويقوم على الطاعة المطلقة العمياء م للحاكم الفرد واستمر على هذا النهج رغم وجود تمايز نسبي بين الحكام الافراد.
ولا يمكن انكار وجود حالات ما يعرف بالمستبد العادل رغم كونه مصطلح غير دقيق لان الاستبداد والعدل لا يجتمعان بشكل مطلق.
فالحاكم الذي يتوخى العدل لديه هو روح تبحث في باب العدالة وتفاصيلها ما يمكن اعتباره شكل من اشكال رغبة الحاكم الفرد ذاته في البحث عن العدالة وليس اي ان العدالة في الحكم الفردي حالة فردية وليست قاعدة عامة.
من هنا بدأ التفكير في البلدان الحرة في كيفية افساح المجال لنظام مؤسسي يحد من سلطة الفرد ويوسع من شراكة المجتمعات في السلطة.
ولان الحكام في نظام الحكم الفردي يختلفون باختلاف من يصل الى السلطة كونهم بشر مختلفون في طبائعهم وفي تصرفاتهم وعقولهم ومستوى تفكيرهم!
ما يعني امكان ظهور حكام يعانون من لوثات عقلية، ولهذا مر على البشرية ولا يزال من الطغاة من تسبب ويتسبب في ماسي وكوارث غير طبيعية سواء داخل اوطانهم ام على بلدان اخرى حينما زادت قوتهم وتوسع نفوذهم نتيجة الاطماع والطموحات والممارسات التي عكست حالة تفكيرهم المرضي!.
وهذا من اهم اسرار واسباب توارث الصراعات والاضطرابات وصعود دول وهبوط واختفاء اخرى بالتدافع والتغالب وفي ظل تسيد شريعة الغاب او قانون القوة!.
4- ورغم ان التطور السياسي منذ منتصف اواخر القرن الماضي قد أنتج المحاولات الاولى لاحتواء الصراع الدموي على السلطة في العالم بنشوء عصبة الامم ثم منظمة الامم المتحدة وصدور ميثاق الامم المتحدة كأساس للقانون الدولي العام.
رغم هذا التطور الهام الذي كان وما زال الأمل معقود في أن تحل في ظله قوة القانون محل قانون القوة ليكون ذلك اساس لتحقيق التعايش السلمي الفعلي بين الامم المتحدة ويتحقق السلام المبني على العدل والحرية والمساواة بين الدول في حق السيادة لكافه الدول والانتقال بحالة حقوق الإنسان إلى مرحلة أكثر شمولا وبعدا عن المعايير المزدوجة!.
الا ان الواقع العملي لما يسود العالم اليوم يشير بكل وضوح الى ان قوى الاستبداد والاستغلال العالمي قد اجادت فن التنكر وركوب موجة التحرر والاندفاع نحو التبشير بعصر الديمقراطية وحقوق الانسان وثورة المعلومات التي كسرت كل الحواجز والجدران وبنت الجسور بين أطراف العالم بل وتعدت الارض الى القمر وافاق أرحب واوسع في الكون الفسيح.
رغم كل هذا الافق الرحب الا ان قلة من البشر ما زالوا متمسكين بأكثر الادوات انغلاقا في التعامل مع الغالبية العظمى وابشع هذه الادوات واكثرها اداة العنصرية والانانية المريضة التي تستبيح الدماء وكل المحرمات في سبيل وصولها الى الحكم والتمسك به رغم انف الشعوب!.
ماتزال العنصرية باشكالها واثوابها الجديدة المتجددة تحكم قبضتها على قسم كبير من العالم وتسير وهذا هو الاخطر الشرعي الدولية وتوجهها في طريق استمرار سياسة المعايير المزدوجة في تطبيق الاعلان العالمي لحقوق الانسان بكل فروعه وتفاصيله على الدول تبعا للولاء والمصالح غير المشروعة التي تربطها بها.
وتبعا لذلك تسير ما يسمى بالشرعية الدولية في دعم العنصريات في كثير من الدول الموالية لها أي للكتلة الدولية المتحكمة بما يسمى الشرعية الدولية التي ماتزال مستلبة وتتبع سياسات ووسائل شديدة التخفي والتنكر.
ومن المؤسف ان حالة الهيمنة قد بدأت تشتد في ظل سياسة القطب الواحد التي سادت منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1990 لما احدثه ذلك من اختلال في موازين القوى بين المعسكرين المعسكر الاشتراكي الشرقي و المعسكر الغربي أو الراسمالي!.
والامثلة على جريمة العنصرية كثيرة ومتشعبة ولكنها باتت أكثر هيمنة عالمياً
اما في البلدان المتخلفة فليست العنصرية سوى مكون طفيلي تسيره العنصرية الدولية.
ومع ذلك فانه مرض يعيش خارج العصر ويتغذى على بقايا الجهل في البلدان المتخلفة ومتاح له فرصة تغذية هذه البقايا بسياسات لا مثيل لمستوى بؤسها ولهذا فإنه في طريق الافول!.
قم ايها الفجر
الى المسافة تكبر
بين المكان وبين الزمان
والضوء يصغر
فلا تتأخر.
اقرأ أيضا للكاتب: الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتساءل .. هل الديمقراطية هي الحل؟

				
					
