الأحزاب والتصلب الأيديولوجي

الأحزاب والتصلب الأيديولوجي
- أمين الجبر
الثلاثاء 30 سبتمبر 2025-
الحياة بطبيعتها متحركة ودينامية في فعلها وتفاعلاتها، ومن ثم فإن كل ما فيها لا محالة يخضع لمنطق التغيير والتجديد، ويتأسس على قانون النسبية واللا ثبوت، إذ إن الثبات يمثل الاستثناء والجمود بداية التخلف. حتى القيم والأيديولوجيا، رغم زعمها الثبات، هي في جوهرها متطورة ومتجددة وفق مستجدات العصر وتحولات الزمن، فلا مقدسات سوى الله سبحانه وتعالى، إذ لا يقين مطلق إلا له وحده.
هذه هي صيرورة الحياة التي تتبدل وتتجدد، حيث تحكمها حتمية تاريخية لا يستطيع الإنسان التحكم في اتجاهاتها، لكنه يمتلك القدرة على قراءة معالم مآلاتها، ليضع تصورًا للمستقبل المرتقب والممكن والمفضل.
ومن هنا، فإن نخبنا السياسية وأحزابنا الوطنية مطالبة بوعي هذه الحتميات والتغيرات التي تتشكل اليوم بفعل تراكمات معرفية وثقافية، إذ لا بد من التفاعل الإيجابي معها والتكيف مع نتائجها، من أجل صياغة مشاريع واستراتيجيات تلبي حاجات وطموحات الشباب المتعطش للتغيير. وإلا، فإنها ستظل متوقفة عند مفاهيم أيديولوجية قديمة تجاوزها الزمن.
بعض الأحزاب الأيديولوجية القديمة لا تزال عاجزة عن تجاوز فكرها ومواكبة اللحظة ومتطلباتها، فتُصرّ على ثقافة سياسية ماضوية تحكم خطابها وعقلها، فتصبح حياتنا السياسية صورة مكررة من جدل الماضي وامتدادًا لمنازعات الزمن الغابر.
لذا، يتوجب على الأحزاب، وخصوصًا التاريخية منها، التخلص من ثقافة الثأر والتصلب الأيديولوجي، والعمل بجد على تبني هموم وطموحات الشباب عبر خطاب تصالحي مع الحاضر ومستجداته، والسعي نحو تجسير العلاقة مع قواعدها وجماهيرها، من خلال استراتيجيات تنتج قطيعة معرفية مع تلك الثقافة المتقادمة التي لم يعد لها موقع في زمننا.
عليها أن تدرك أن عالم القرن الحادي والعشرين بتكنولوجيته وتقنياته المعرفية غيّر وجه العالم كله، حتى أصبح أشبه بالقرية الكونية، أو الغرفة الكونية الواحدة.
ولذلك، لا مناص أمامنا من خيارين: إما المضي في درب المواكبة والتجديد والتطوير، أو الانغلاق على الذات والتخشب المنتهي إلى الزوال.
اقرأ أيضا:الاحتلال يرتكب مجازر جديدة في غزة
