أهداف ثورة 26 سبتمبر 1962 في خطط وبرامج الشهيد الحمدي

أهداف ثورة 26 سبتمبر 1962 في خطط وبرامج الشهيد الحمدي
يوميات البحث عن الحرية .. اهداف ثورة 26 سبتمبر 1962 في خطط وبرامج الشهيد الحمدي
- عبد العزيز البغدادي
الاثنين 22 سبتمبر 2025-
على الرغم من ان ما احدثه الرئيس الشهيد ابراهيم محمد الحمدي من تغيير جذري حقيقي خلال فترة حكمه التي لم تتجاوز الثلاث سنوات كانت جديرة بان تحمل معنى الثورة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعاونية والثقافية وغيرها.
رغم ذلك فانه لم يتطاول على ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 واعتبر حركة الثالث عشر من يونيو 1974 حركة تصحيحية لمسار ثورة 26 سبتمبر الام واحياء واعادة الاعتبار لأهدافها الستة، حيث ركز منذ بداية توليه السلطة على تحجيم مراكز القوى التي اعاقت بناء المؤسسات وشرع بصورة حثيثة في بناء دولة المؤسسات لدولة يمنية كاملة السيادة.
لم يراوغ او يكذب أو يتلاعب بالمال العام والوظيفة العامة خدمة لأسرة او جماعة او قبيلة او مذهب.
ولهذا كان المتسولون من الرؤساء يقارنون بين أوامر الصرف التي يصدرها لا تقارن مع بعض من يصفون عبثه بالمال العام كرماً.
ولم يسمح بنهب المساحات الشاسعة من الاراضي بدون وجه حق من قبل اللصوص وورثتهم سواء باسم الشهداء او الجرحى او تحت اي مسمىً.
كانت هويته يمنية خالصة يقول ما يفعل دون حاجة لرتبة فريق ولا مشير او مهيب ولا اي من القاب الفخامة والزعامة والسيادة والعظمة، ولم يغض الطرف عن خارطة التسول التي اشتدت لتشمل كامل الوطن اليمني وبصورة مهينة لهذا الشعب بصورة لا يمكن ان يسكت عنها رئيس او مسؤول يحترم نفسه فيجرأ على البقاء في موقع المسؤولية معتمدا على الاكاذيب والمواعيد الفارغة، والاتكاء على ذريعة العدوان بدون ادنى مستوى من الاحساس بالمسؤولية تجاه العمل على انهاء حالة العدوان والحصار على اليمن كهدف يسبق كل هدف ويجب أن يكون تحقيقه مسؤولية وطنية تخص ويشارك في تحديد آليتها جميع اليمنيين !.
لم ينفق الحمدي اموال الفقراء في شراء الذمم والصور وانواع اللوحات الفخمة والشعارات والميكروفونات المؤذية للسمع والبصر وتحويل الدين الى مظاهر فارغة المحتوى مسيئة لكل معاني التقوى والفضيلة والرحمة والانسانية.
لقد عاش الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي وعايش الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية ذاتها التي عايشها وعاشها الرئيس القاضي عبد الرحمن الارياني واصاب كل منهما وأخطأ في تعامله مع تجاذبات وسباق مراكز القوى على السلطة والمصالح الشخصية حيث كان ولا يزال بعض كبار مشايخ القبائل والضباط والقوى السياسية لمن يتدخل في شؤون اليمن ويعمل على اعاقة نموه، أبرز هذه الدول المملكة العربية السعودية التي نؤكد دائما وباستمرار ان من واجبها اعادة النظر في علاقتها باليمن كجار لو ارادت ان تستقر استقرارا حقيقيا.
ومن غير اللائق ان تستمر في نهجها تجاه هذا الجار الذي لم يسبق أن مسها بسوء مقابل ما يعاني منها من نهب لأراضيه وسلب لسيادته طبعا بالاستعانة ببريطانيا وامريكا وأحيانا إسرائيل!
وقد حاول الشهيد الحمدي كما فعل القاضي الإرياني التفاهم مع هذا الجار، من اجل بناء علاقة حسن جوار باعتباره الطريق الأسلم للتآخي وتعميق أسس السلام، فكانت مكافاته التآمر على حياته بواسطة ضعاف النفوس من العملاء الذين قفزوا الى الواجهة بتمويل سعودي واضح!
أدرك الحمدي يقينا وبالفعل لا بالخطابات ان من يتولى امر الناس لا يتكبر عليهم ولا يتألَّه، ويجب ان يزيل اي حاجز او عائق بينه وبين الشعب كي يعرف ما يعانيه عن قرب ويعمل على تلبية حاجات الناس.
لا يدغدغ عواطفهم ولا يكذب عليهم ولا يمنيهم بالجنة في الآخرة وانما يوفر لهم لقمة العيش في الدنيا وهذه وظيفة الحاكم الذي يؤمن بالعلم ويحقق للوطن السيادة والكرامة للمواطن لان الوطن هو المواطن اولا وثانيا وأخيرا!
ولهذا فقد اعتبر الشعارات والالقاب والصور وتمجيد الحاكم من أخطر الوسائل لتخدير المواطن وسلب وعيه.
الشعب الحر يعي ما يريد، والحاكم الحريص على القيام بواجبه يدرك قيمة الشعب ودوره في البناء والتنمية، ولن يكون كذلك الا بالوعي بأهمية الكرامة للمواطن والشعور بان من هم في السلطة انما هم بشر وليسوا الهة ولا أنبياء.
انهم موظفون لدى الشعب يجب عليهم ان يقتربوا منه ويتفحصوا همومه ومعاناته ويعملوا بجد على ازالة المظالم والالتحام به من خلال ازالة الحواجز والجدران والمعوقات.
لقد تولى الشهيد الحمدي رئاسة الدولة اليمنية وهو في بداية الثلاثينات من عمره ولكنه اثبت بالتحامه بالشعب وبالجماهير انه كان استشهاديا خلال هذه المدة القصيرة، والتي كانت كلها عمل واخلاص لوجه الوطن ، وكل عمل خالص لوجه الوطن والمصلحة العامة هو بالتأكيد خالص لوجه الله لان الله غني عن العالمين!.
من يتولى الرئاسة يجب ان يعمل من اجل الانتقال بالإنسان والوطن الى حياة افضل ومكانة اسمى بين الامم والشعوب وقد كان من الواضح من خلال مسيرة الشهيد الحمدي انه كان في سباقٍ مع الزمن كي يثبت حقيقة هذه الرسالة ويثبتها على ارض الواقع بفعله وليس بخطاباته!.
وكان من اولى قراراته تنزيل الصور ورفع شعار الدولة (الله جل جلاله) ليس للمزايدة، وانما ليقول للناس ان الدولة يجب ان تكون مدنية ولن تكون كذلك من خلال الشعارات وادعاء التقوى بل بممارستها وعدم جعل الخوف من الاغتيال محور وأساس البقاء بل الوظيفة الوحيدة .
كانت مأساة اغتيال الحمدي رسالة ما يزال استيعابها غائبا عن عقول من يحكم ويتحكم في حياة الناس بادعاء الحق الالهي او باي دعوى ، وجميعهم بعيدين كل البعد عن ادراك معنى الله الرحيم لانهم يفتقدون لكل معاني الرحمة!.
حرص الشهيد الحمدي على التأكيد بان من ابجديات وحدة المنطلق الثوري الذي يعزز معنى استمرارية الثورة التأكيد على ضرورة تجرد الناس بكل توجهاتهم ومذاهبهم السياسية والدينية من رغباتهم الانانية في الاستئثار بالحكم والعمل القبيح من اجل تحويله الى وراثة لأي اسرة او انتماء او سلالة او حزب او قبيلة او اي شكل من اشكال العصبية اللا انسانية؛
وبدون ذلك يغيب جوهر استمرارية الثورة الحقيقية!.
واهداف ثوره السادس والعشرين من سبتمبر كفيلة باستيعاب وحدة الهدف الانساني كمضمون للثورة التي تهم كل مواطن!.
والتصحيح يستوجب وحدة التوجه لتحقيق اهداف الثورة الرامية لإسعاد الانسان مهما تعددت البرامج والخطط.
ومن الغريب ان من اولى المآخذ على الشهيد الحمدي من قبل بعض خصومه تفريط في حياته بإهماله الحراسة الضرورية لشخصه كرئيس!
ولهذا فقد جاء بعده من اهتم بأمنه الشخصي وفرط في امن الوطن وسيادته واستقلاله ومع ذلك فمنهم من فقد حياته ومنهم من فقد ضميره تسليم وطنه لدول الجوار دون اي بصيرة او بصر او حكمة او خجل، ومنهم من ينتظر ومستعد لتبديل كل مبادئه في سبيل البقاء في السلطة!
وما من شك ان لكل شخص أيا كان موقعه، عيوبه، مثالبه، اخطائه، ولكن أعيب عيوب الرؤساء والمسؤولين عدم اهتمامهم بما يعانيها الناس وانشغالهم بالعمل من أجل البقاء في السلطة والسعي لتوريثها، وهذا هو العيب الذي ليس كمثله عيب وهو مصدر خوف لا يجدي بل وقد يؤدي الى عكس المطلوب فالحكمة تقول: (يؤخذ المرء من مأمنه)، والسلام.
امنكم امننا
ان عقدتم مع الله عهداً
بصون الامانة
فاتركوا للمواطن حق الحياة
تأمنوا ايها الخائفون على أمنكم!
