كتابات فكرية

أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة

 أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة

  • بقلم / إبراهيم علي الحبيشي

الجمعة18أبريل2025_

تُصوّر هوليود أمريكا كقوة عظمى لا تقهر، تنتصر دائمًا في ساحات المعارك وتقود العالم نحو المستقبل. لكن وراء هذا الإبهار السينمائي، تكشف الوقائع عن تناقض صارخ؛ فهل أمريكا مجرد “قوة كرتونية” تُخفي هشاشتها خلف شاشات السينما؟

تعتبر هوليود الذراع الثقافي الأقوى لأمريكا، حيث تُصدر أفلامًا مثل “توب غن” و”إندبندنس داي” تروج لأسطورة البطولة الأمريكية والتفوق التكنولوجي والعسكري. هذه الأعمال لا تبيع الترفيه فحسب، بل تُشكل الوعي العالمي، مُرسخة صورة “المنقذ العالمي” الذي يتجاهل تعقيدات التاريخ. ففي الواقع، كثير من “الانتصارات” السينمائية تتناقض مع إخفاقات حقيقية، كحرب فيتنام أو الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.

رغم تصوير الجيش الأمريكي كآلة لا تُهزم، تكشف الوقائع عن إخفاقات إستراتيجية. تكلفة الحروب في العراق وأفغانستان تجاوزت التريليونات من الدولارات دون تحقيق أهداف معلنة مثل نشر الديمقراطية أو القضاء على الإرهاب مع أنها هي من تصنع الإرهاب ، حتى “النصر” في حرب الخليج الثانية ترك منطقة مُزعزعة، مما يُظهر الفجوة بين الرواية الهوليودية وتعقيدات الجغرافيا السياسية.

بينما تظهر الأفلام أمريكا كجنة الرفاهية، يواجه الاقتصاد تحديات كالدين الوطني الذي تجاوز 31 تريليون دولار، واتساع فجوة الثروة، وضعف البنية التحتية. الأزمات مثل الانهيار المالي (2008) وجائحة كورونا كشفت هشاشة النظام، حيث تحول “الحلم الأمريكي” إلى كابوس للكثيرين.

تحت سطح الأفلام التي تروج لوحدة المجتمع، تعصف بأمريكا انقسامات عنصرية وسياسية. حركات مثل “حياة السود مهمة” وأحداث اقتحام الكابيتول (2021) تعكس أزمة هوية عميقة. حتى في هوليود نفسها، تتعالى أصوات نقدية تكشف التناقض بين الخطاب التقدمي وواقع التمييز.

من سيناريو الهيمنة إلى واقع التعددية القطبية

أمريكا ليست “قوة كرتونية” بالكامل، لكنها أيضًا ليست الأسطورة التي تبيعها هوليود. صعود قوى مثل الصين وروسيا، وتحديات الداخل، تجبرها على التعامل مع عالم متعدد الأقطاب. السينما قد تصنع الأساطير، لكن التاريخ يُكتب بالواقع — واقع تتراجع فيه الهيمنة لصالح حقبة جديدة من التنافس العالمي.

اقرأ أيضا:من المقاوم و من المرتزق؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى