أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (8)
أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (8)
الأحد19يناير2025_
بقلم الاستاذ :عزيز طارش بن سعدان
حقائق ودروس للتاريخ
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ}
(سورة يوسف – آية ١١١)
يوم تحول الإنسان العربي بالإسلام وكان على هامش حياة الأمم شيئاً غير مذكور، وكمية مهملة في جدب الصحراء والقفار، تسلّم «قيادة العالم» وحقق على الأرض بحكم النبوة والخلافة الراشدة صورة للحياة العادلة الكريمة لا تدانيها صورة في التاريخ. ويوم إطلالة «حكم الفرد» وجعل الأمر «وراثة» و «ملكاً انحرف عن الطريق السوي .
كانت الأمة ما تزال في مجموعها – رغم ما أصابها في قيادتها من انحراف نحو الأسوأ – أقل سوءاً من جميع أمم الأرض، فكان لها السيادة في العالم بحكم: قانون «الصلاحية الإجمالية» بالمقارنة مع غيرها من أمم الأرض قاطبة. ويوم استمرت في الهبوط في «السوء» حتى سفلت عن غيرها من الأمم جاءتها: قارعة التتار فلم تستخلص الدرس، ولم تصغ للعظة ولا استفادت من العبرة فجاءتها: جحافل الصليبيين.. ولم تستيقظ بعض اليقظة إلا لتعود إلى نومها وغفلتها عن سنن الله» فداهمتها: قارعة الأندلس ومحتها محواً تاماً من رقعة في الأرض طالما كانت فيها مصدر إشعاع ونور في ظلام ما حولها من الأمم.. فلما تردت في سوآتها وغفلت عن «السنن» جاءها العذاب مريراً كأن لم تكن شيئاً مذكوراً. واستمرت الأمة متخبطة في عقابيل انحرافاتها ومستنقعات سوآتها، ويغطي على هذه الانحرافات ويتستر على تلك السوآت علماء بحسن نية أحياناً (مثال هؤلاء: العلماء المغفلون)، وبسوء نية أحياناً كثيرة (مثال هؤلاء: العلماء المتعايشون !!)، بل إن هؤلاء العلماء قد أضفوا ثوب القداسة» على هذه الانحرافات وفتنها المظلمة، وتلك السوآت وفي قمتها «تنظيم الحكم» و «قيادة الأمة»، ويفقدون عند بحثها العقل والمنطق والدليل!! والشيء الوحيد الذي لا يفقدونه هو ملء جيوبهم مما اشتروا بآيات الله ثمناً قليلا، وسواء أكانوا يؤلفون في ظلال أولئك الطواغيت أم بعد زوالهم من الأرض أم مع انبعاثهم من جديد فهو خط انحرافي واضح في التاريخ هم عنه مدافعون وفي سبيل الحفاظ عليه مجادلون، ولكن {فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} (أنتهى)
ان الطواغيت أوجدوا لهم علما من جنسهم لا يعملون شيئا إلى بتوجيهاتهم والقراءة البعيدة ينزلون لهم خطبا متناسقة عبر مواقع الوزارة المعنية وزارة الأوقاف.
إن تحريف الدين وفق أهواء البشرية بالتأكيد هو معوج لأنها تدخلت يد البشرية من علماء السلطان والجاه. إننا بحاجة إلى غربلة المفاهيم المغلوطة التي أشار إليها مفكرنا الكريم ونعيد الخط الإسلامي إلى مساره السوي حتى تنعم الأمة بعدالة السماء وليس عدالة الإنسان الذي يغتر بهذه الدنيا التي فيها كل التوجهات الساعي إليها كل طواغيت الأرض الذي جعل الله لنا فيها مماتنا ومعيشتنا. إنها ناموس العدل السماوي.
إن علماء الجاه علماء الفتنة قد حرفوا الإسلام ونوضح ما قاله فليسوف الإسلام العقاد في كتابه ((الإسلام والحضارة الإنسانية))) ويدور على هذا المحور من جانب آخر خلاف القائلين بإسلام بني أمية والقائلين بتكفيرهم والقائلين بإرجاء الحكم عليهم إلى يوم القيامة، وهم أصحاب الفرقة التي اشتهرت باسم المرجئة من أوائل فرق الإسلام. ويغلو من هنا فريق كالخوارج، فيكفرون عليٍّا ومن والاه، ومن هنا فريق كالسبئية، ُ ا، وينكرون القول بموته، وإنما شبِّه للناس؛ فقتل ابن ملجم شيطانًا تصور فيؤلهون عليٍّا بصورته، وصعد عليٌّ إلى السحاب، فالرعد صوته، والبرق سوطه، وموعده يوم يرجع فيه ً إلى الأرض فيملؤها عدلا ويقضي على الظالمين. أو يقولون كما يقول البنانية أتباع بنان بن سمعان: إن روح الله حلَّت في عليٍّ، ثم في ابنه محمد بن الحنفية، ثم في ابنه أبي هاشم ثم في بنان، أو يقولون بتناسخ الأرواح من آدم إلى عليٍّ وأولاده الثلاثة، أو يقولون — كما قالت الإمامية — إن الله قد حل في إمام بعد إمام إلى أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة العباسية، وإنه لم يُقتل، ولا يجوز عليه الموت، وفيه روح الله. ويكثر الكلام قي هذه الفروض والظنون على ماهية الروح وماهية الحقيقة الإلهية وما ينبغي له جل وعلا من التنزيه وما يمتنع في حقه من التجسيم والتشبيه، وتمتزج النوازع الذهنية بنوازع المصلحة والسياسة والعواطف المكبوتة، فيستمد كل منها عونا من الآخر على الإقناع واستجلاب الأنصار والأشياع. فليس في العصر الحاضر من يحمي نفسه وهو متخلف في ميدان المعرفة والقوة)) (انتهى) إن إصلاح الأمة الإسلامية من إصلاح الاعوجاج الذي أصيبت به من تفرقة وتفكك الذي نسعى نحن وكل مفكري العالم الإسلامي إلى توضيح تلك الحقائق التي تم التحريف فيها بدعم من العالين في الأرض حتى تكون الأمة في أحسن حال وتمشي وفق خط مستقيم لا اعوجاج فيه حتى تتحرر الأمة من الاغلال وتعود إلى واقع جديد يكفل لهم العيش والأمن والسلام وفق حكم مؤسسي لا لبس فيه وفق نظام برلماني عادل وإذا لمنا الذي يجور على جسده لأنه يضر الناس إذا اقتدوا به أجمعين، فمن واجبنا أن يكون لنا وقفة صادقة لأجل إخراج المجتمع من آفة إيذاء الأجساد التي لها حماية من الله حتى من الإنسان نفسه ومما لا جدال فيه أن نوازع الجسد تحجب الفكر عن بعض الحقائق الاجتماعية؛ فضلا عن الحقائق الكونية التي لا جدال فيها{لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ} ..
ولنا لقاء في الحلقة القادمة…
اقرأ أيضا:أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم بن علي الوزير” الحلقة (7)