اخبار محليةثقافة وسياحة

سنع .. قرية أثرية سياحية تشكو الإهمال

سنع .. قرية أثرية سياحية تشكو الإهمال

سنع .. قرية أثرية سياحية تشكو الإهمال

  • عبدالرحمن مطهر

الثلاثاء24يونيو2025_

سنع أو سناع .. قرية تقع في جنوب غرب العاصمة صنعاء على بعد نحو (6 كيلومترات)، وقد اتصلت بها صنعاء نتيجة للزحف العمراني، اشتهرت هذه القرية بأنها كانت هِجرة من مهاجر العلم،و تعتبر إحدى قرى بلاد البستان بمخلاف بني شهاب، بني مطر، ويبلغ تعداد سكانها تقريبا اليوم 8 ألف نسمة، ويرجح البعض أن أسمها يرجع إلى سنع أحد أبناء حمير.

تعرضت هذه القرية للخراب أكثر من مرة في العصور التاريخية السابقة ،خاصة أثناء الصراع بين الدويلات اليمنية ، بعد ضعف الخلافة العباسية، وكذلك أيام الدولة العثمانية.

 فيها العديد من المعالم التاريخية التي تعود تقريبا للقرن السادس والسابع الهجري ، ابرز هذا المعالم التاريخية هو جامعها الكبير ذو المنارة الباسقة ، والبركة المربعة الشكل  التي يطل صحن المسجد عليها ، وبالتأكيد غيول الماء.

غيول المياه

كانت القرية في السنوات السابقة تمتاز بتدفق العديد من الغيول ، غير أن بعض هذه الغيول جفت خلال العقود الماضية ، ومع ذلك لا يزال هناك البعض تتدفق منها المياه العذبة ،  منها غيل المسعدي، وغيل المعين ،وغيل قفاشة، وغيل القواس،وغيل الأحمد ،وغيل عمر ، وهناك غيول موسمية تأتي أيام الأمطار ، مثل شعب البيرين ، شعب عسكران ،غيل شعب الماء ،وغيل شعب البلس ،وغيل الحيارة.

ومن الغيول التي جفت غيل قفاشة والأحمد بسبب حفر آبار ارتوازية بالقرب منها من قبل بيت البحري أبرز سكان سنع والمسيطرين على أراضيها وأوقافها وسط صمت السلطات المختصة ، بسبب نفوذ بيت البحري في المنطقة، أيضا غيل قحفان جف خلال السنوات الأخيرة.

ومعظم  الغيول لديها برك أخرى أو كما تسمى ماجل وكل البرك يتم إغلاقها من قبل المغرب حتى تمتلئ ومن ثم يتم فتحها في الفجر لسقي الزرع، وفي الصدد يقول احمد غالب نشوان أحد سكان القرية ، بأن الغيول تتعرض لإنسدادات في منابعها مابين حين وآخر، غير أن أهل القرية استطاعوا التغلب على هذه الأمر من خلال خبرات توارثوها من الآباء والأجداد ، وهو أن الغيول تجري في سراديب تحت الأرض وتصل هذا السراديب إلى الجبال التي تتدفق منها هذه المياه ، ما بين حين وآخر تنمو أشجار في مجرى هذه الغيول في السراديب أو تمتلئ بالحصا أثناء جريان المياه مما يسد مجرى الماء ، فتشق المياه لها مجرى جديد تحت الأرض ، لذلك يضطر بعض سكان القرية كل حوالي سنتين إلى ثلاث سنوات الدخول إلى هذه السراديب تحت الأرض بالأضواء الكاشفة على رؤوسهم ومعهم المعاول والمجارف لتنظيف مجرى مياه الغيول من أي ترسبات أو حشائش أو ما إلى ذلك ، ويشترط في دخول هذه السراديب الناس من ذوي الخبرة.

غيل المسعدي

  أبزر  هذه الغيول هو غيل المسعدي ،الذي يصب في الجامع الكبير الخاص بالقرية ومن ثم البركة التي اتخذها سكان القرية مسبح لأبناء القرية.

غيل المسعدي أو كما يسميه البعض بغيل الأسعدي لا يزال يتدفق  بالمياه الصافية العذبة، والذي يقوم بتغذية القرية والمسجد وأشجار القرية منه.

 وفي هذا الصدد يقول احمد غالب نشوان أحد سكان القرية ، بأن الدكتور إبراهيم النونو أشهر طبيب للكلى في اليمن يقوم غالبا بالصعود إلى القرية لتعبئة ما يستطيع من  دبات بلاستيكية بالماء من هذا الغيل ، وذلك لنقاوة مياه الغيل وفائدتها العظيمة للإنسان بما تحتويه مياه الغيل من معادن مختلفة.

وكان سابقا وقبل وقت قريب تذهب النساء من سكان القرية بملابس الغسيل إلى بركة المسجد والتي يتجمع فيها مياه الغيل لغسل الملابس ، وكذلك يتم جلب الماء للشرب ، غير انه تم تركيب مواصير للماء للعديد من منازل سكان القرية من مشروع المياه. 

مساجد القرية

هناك عدد من المساجد في قرية سنع رغم صغر حجمها أبرز هذه المساجد هو الجامع الكبير  الذي يرجع تاريخه حسب ما هو مكتوب على جدرانه إلى العام ٣٤٢ ه تقريبا ، وهناك مساجد أخرى  صغيرة نسبيا منها مسجد  الوقشي ، ومسجد اليمني ، ومسجد المعين، ومسجد قفاشة ، وتقريبا كان كل غيل من غيول الماء يصب في احد هذه المساجد ومن ثم يتم تجميع المياه في برك ومن ثم يتم فتحها لسقي الأشجار.

مميزات القرية

تمتاز قرية سنع بأنها من ابرز المتنافسات للعاصمة صنعاء وذلك لقرب المسافة وسهولة الوصول إليها سواء عبر السيارات الخاصة ، أو المواصلات العامة ، وكذلك بارتفاعها ،حيث تطل على العاصمة صنعاء من جهة جنوب غرب ، وأيضا بوجود ساقية الماء المتدفقة من غيل الأسعدي كما ذكرنا ، والذي حول جبل القرية وسهولة إلى مدرجات خضراء تسر الناظرين.

الشجرة هي الحياة

وبسبب وجود الماء وخصوبة الأرض ،امتازت القرية بأشجارها الكثيفة، والتي يصل عمر بعضها إلى مئات السنين ، وهي أشجار متنوعة مابين مثمرة مثل أشجار الجوز و اللوز والمشمش والخوخ، والرمان والتين الشوكي الذي ينبت في الجبال حسب طبيعته دون زراعته أو الاعتناء به،وغيرها من أشجار الفواكه المختلفة ، إلى جانب أشجار القات ، وكذلك هناك العديد من الأشجار الغير مثمرة كأشجار الطلح وغيرها.

وكانت أشجار اللوز والجوز والمشمش والرمان بالتحديد كثيفة جدا في هذه القرية،  وكانت تعتبر غابة بما للكلمة من معنى ، حيث كانت تصل في العقود الماضية إلى ما يسمى بالحي السياسي إلى قرب موقع جامع أبو بكر الصديق، في مديرة الوحدة بأمانة العاصمة ، كغابة ليس لها نظير ، حوالي خمسة كيلو متر من القرية وأكثر ، كاتب السطور شاهد ذلك في نهاية الثمانيات من القرن الماضي، غير أن الزحف العمراني كان كفيل بنزع هذه الغابة ، ولم يكتف بذلك ، بل أمتد ليس إلى أطراف القرية من شارع الخمسين، وأمتد إلى رأس القرية وإلى جوار مسجدها التاريخي .

الشجرة هي الحياة

وجود الماء الشجر معناه وجود للحياة ، لكن للأسف أشجار القرية في تناقص دائم عام بعد عام ، فمعظم أبناء القرية تركوا الزراعة وميراث الآباء والأجداد في هذا الجانب ،واتجهوا للانشغال بوظائفهم المدنية ، كما أن أسعار الأراضي في قرية سنع وما جاورها ارتفع بشكل كبير خلال العشرين السنة الماضية ، فقام الكثير من سكان القرية ببيع أراضيهم الزراعية ،بل وبيع أراضي الأوقاف التي تحت أيدهم ، وذلك بسبب تراخي السلطات المتعاقبة ، فوجدوا أن بيع الأراضي فيها الكثير من الأموال والأرباح ما يفوق المنتجات الزراعية، خاصة بعد وفاة الإباء وتقسيم الأبناء للميراث  وللارض.

  رياضة التسلق

هناك الكثير من سكان العاصمة صنعاء لا يصعدون إلى قرية سنع للاستماع بأشجارها والشرب من ماءها العذب فحسب ، بل للاستمتاع أيضا برياضة تسلق الجبال ، خاصة أن القرية تمتاز بالجبال الشاهقة المحيطة من حولها وفيها الكثير من الخربشات المسندية ، والبعض يستمتع بممارسة القنص في الجبال المحيطة.

 الطريق إلى القرية

في السنوات الماضية تم تعبيد الطريق إلى القرية بالحجارة ، غير أن الطريق لم يتم تنفيذها حسب المخططات المرسومة، فتم تعبيد طريق ضيقة ،يصعب على الكثير من السيارات الصعود ، وذلك أيضا بسبب بعض المتنفذين المسيطرين على القرية وعلى أراضيها ومائها ، كما أن الكثير من الزائرين للقرية من سكان العاصمة صنعاء يشكو من مضايقة بعض سكان القرية والبعض يضع برميل أسفل القرية كنقطة للجباية من كل سيارة تصعد للقرية.

 النظافة

قرية سنع رغم جمالها وجمال مناظرها وأشجارها وميائها وما إلى ذلك ، إلى أنها تفتقر للنظافة ، سكان القرية يفتقرون للتوعية بأهمية النظافة والمحافظة عليها، فيقومون برمي القمامة والمخالفات على جانبي الطريق ، في العام 2008 تقريبا جاء سياح فرنسيون لزيارة القرية ولاحظوا المناظر المقززة في القرية من كثرة القمامة ، وقاموا بتنظيف القرية من أعلاها إلى أسفلها ،وذلك حسب ما رواه بعض سكان القرية،  وبعد شهر تقريبا رجعوا للقرية ووجدوها كما كانت سابقا مليئة بالقمامة ،  ونظفوها مرة أخرى ولم يعودا لها مرة أخرى، كما قام بزيارتها العديد من الشباب والذين كانوا  يقومون بمبادرات شبابية لتنظيفها من القمامة وتوزيع بروشورات توعوية ، غير أن سكان القرية لم يتغيروا يقومون برمي القمامة في اقرب مكان لهم ، وليس السكان فقط ، بل أيضا الكثير من الزوار يتركون خلفهم مخلفاتهم من أكياس الطعام وما إلى ذلك بين الأشجار ، دون اكتراث لما تسببه من أضرار على الأرض والأشجار ، وعلى سكان القرية كذلك ، كما أن  الجهات المختصة أيضا لم تهتم ولم تقم بواجبها في جمع المخلفات ووضع أماكن خاصة لها والتوعية بضرورة الالتزام بالنظافة وفرض غرامات على من يخالف ذلك..

اقرأ أيضا:تعرف على الحصن الذي بنته الجن بحراز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى