اخبار محليةالكل

نفحات من كتاب (الحلقة الثامنة)

إن ثورة 1948م الموافق 1367هـ كانت انطلاقة للتحرر من الحكم الفردي الذي تحّول إلى توريث الحكم وإلغاء مبدأ الشورى وقد قُدمت نصائح له من جميع مفكري وعلماء اليمن أنذاك بأن ينقل الحكم ليكون حكماً شوروياً عادلاً وفق مؤسسات دستورية، وظلت النصائح متواترة ولكن ذلك الحاكم أبى إلا أن يمشي في ظل الفردية والعبودية لهذا الشعب المعطاء بالخير والوفاء الذي أنجب أولئك  العظماء الذين صدّرهم التاريخ بأحرف من نور وكانت فتوحاتهم مشرقة بنور الحرية على بقاع الأرض قاطبة ولكن التوريث أبى إلا أن يحولهم عبيداً له بوضع الحديد على مفاصل أرجلهم والسجون أمتلئت بأحرارهم، فهنا اقتنع مفكري ذلك العصر وعلمائه وأدباءه وشعرائه أنه لا مجال أمامهم إلا بثورة، ولعل مفكرنا الكريم المجاهد إبراهيم بن علي الوزير الذي نقتبس من كتابه ( لكي لا نمضي في الظلام ) وضع أحرف من نور صدرت يداه بهذا الاقتباس ” نتعلم أن لا نخاف سوى الله .. ليكن شعارنا : إن هي إلا أحدى الحسنيين النصر أو الشهادة نضمد جراحنا ونمسح بقاع الدم عنا بعد أن وارينا التراب من سقط في معركة الحق من شهدائنا .. علينا أن نمضي للجهاد من جديد … ” انتهى الاقتباس.

هذه هي تعاليم مفكرنا فلنمضي في جهاد مرير في وجود الظُلمة سواء كانوا حكّاماً علينا أو حكّام الأقطار من حولنا لأن الظلم هو ظلم عفن سواء كان علينا أو على جيراننا فالوحدانية في الحكم الفردي هي في ظل ذلك النهج ولعل الثورات التي حدثت آنذاك كان اسقاطها بدعم مباشر من جيراننا، لعل الذهب الذي أتى من جيزان لذلك الفرد الذي نُزع منه الحكم في تلك الثورة كان بمثابة إنقاذ لحكم الطغاة لأن كل حاكم يخاف على نفسه ويخاف على عرشه من الانهيار والسقوط في مستنقع الوثنية التي ما أنزل الله بها من سلطان، تلك الحفنة من الذهب أعادة إلينا حُكماً فردياً قضى على ثورة، ثورة العدل والحق والسلام، ولعل مفكرنا الكريم المجاهد الفذ قد أوضح أسباب فشل ثورة 1948م التي فشلت لأسباب عديدة أهمها نقتبس من ذلك الكتاب ” كانت ثورة 1367هـ الموافق 1948م التي فشلت لأسباب عديدة أهمها:

أ‌.        لعدم التنظيم الكامل.

ب‌.    لعدم الوعي التام بحقيقة المشكلة في القاعدة العريضة للشعب – العامة.

ج‌.    لعدم التنظيم الدقيق والاستعداد والاستهانة بالرجعية.

د‌.      لعدم تقديم عوامل النجاح والفشل، ولعدم وضع خطة لحماية النصر.

هـ. لعدم الاعتماد على جماهير الشعب وتوعيته بما تلزم به عقيدته من القضاء على الظلم وتحطيم الطاغوت، وبنا الحق والعدل. بل اعتمد على إخلاص ونقاء الزعماء فقط دون يقظة ثورية ودون فهم عميق لمعنى الثورة وسنن أفوالها وانتصارها.

و. لعدم تنقية الصف من المنافقين والجواسيس والمخربين وعملاء الرجعية الانتهازيين.

ز. لعدم توحيد القوى الوطنية في جبه متحدة منظمة، فلقد كانت الجبهة المعادية للاستبداد ينقصها التنظيم والتجانس والوضوح والوفاق الكامل والالتقاء عند خطوط عامة محددة ونقص وسائل الاتصال بين قوى الشعب.

 ولسنا هنا بسبيل دراسة مفصلة لكل ما مر، وإنما هو استعراض وعضة نخرج من ذلك بدروس في كفاحنا الشعبي بتحقيق أهدف الشعب ومثله العليا – كانت تلك الثورة في ربيع الثاني عام 1367هـ ( فبراير عام 1948م ) رمزاً قوياً لوعي الشعب بالانحراف على نهج العقيدة ومضار العزلة وأخطارها على بقاءها. وإن عليه الا أن ينفصل عن ركب الحضارة والتقدم، كما أنها كانت التعبير البليغ الرائع على اختيار الشعب الحاسم في موقف من مواقف التاريخ الفاصلة لطريق الثورة الإسلامية – طريق الحياة العظيم – : ومرت 7 سنوات عجاف كلها أشلاء ودماء وتهور إلى جانب مكاسب حصل عليا الشعب في كفاحه كنتيجة للثورة نلخصها فيما يلي : ” نستكمل ذلك الاقتباس في الحلقة القادمة.

لقد تحدث مفكرنا الكريم المجاهد عن ثورة 1948م بكلام مختصر وألمح من خلال ذلك الكلام عن فشل تلك الثورة وأسباب ذلك بكل وضوح وعلينا أن نستشف من ذلك الكلام ونستخلصه ونبني عليه بنيان صحيح من أجل مسيرتنا في الحياة عبر مؤسسات اتحاد القوى الشعبية اليمنية الذي تبناه مفكرنا العزيز مع عدد من المفكرين والأدباء، ونجعل طريقنا نحو البناء والتوضيح الكامل والتوعية بما لنا من حقوق وما علينا من واجبات نحو المستقبل المشرق بنور الحرية المتطلعة إلى روح وعدالة الإسلام. إن القرآن منهجنا وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غايتنا وكلاهما نوراً لنا من أجل أن ننهض بشعب، وننهض بأمة من أجل التقدم والبناء نحو النور الذي رفع هامات الأمم وجعل عزّت الأمم رافعه هاماتها ونحن لازلنا في نقطة البداية ولابد لنا من نهضة وتكوين حضارة تواكب كل متطلعات العصر نحو التطلع إلى الخير والسلام ولا ننتظر أو نلفت أعيننا إلى الخلف، بل نمشي على خُطى مبنية بنيان مرصوص نحو العدل والسلام، إن المهرجانات التي تقوم هنا وهناك من أجل تشتيت أفكار الشباب والأجيال القادمة والحاضرة لا تعنينا بشيء لأنها وسيطة بين الطغاة وبين تلك المهرجانات سواء كانت لعبة كرة أو ما شابه ذلك التي تؤدي إلى ما هو أت: تقوم الأنظمة باعتماد سياسات لترويض الناس عبر طُرق وأساليب منها القيام بتنظيم الكثير من المهرجانات والفعاليات والنشاطات الرياضية والفنية، وإقامة دوريات كرة القدم وتغطيتها إعلامياً، وجعلها حدثاً مهماً في حياة الناس للخروج قليلاً من واقعهم المعيشي وضنك الحياة. ثم المبالغة في الاحتفال بالأعياد الوطنية وابتداع مناسبات وطنية في محاولة تعميق الشعور الوطني لدى المواطن، وترسيخ انتمائه وهويته. وعرض صور الحاكم أو الرئيس في المؤسسات الحكومية والخاصة، في الجامعات والمؤسسات التعليمية، في الفنادق والمنتجعات السياحية، في المصانع والمزارع، في البيوت والشوارع والأزقة. وأهمية عزف النشيد الوطني حيث يرفع العلم الوطني بموازاة رفع صورة الحاكم. ولا ننسى ربط أي إنجاز يتحقق -هذا لو وجدناه – باسم الحاكم والرئيس، أي إنجاز وأي نجاح وأي فوز في مباراة رياضية ما كان له أن يتحقق لولا حكمة وبصيرة الحاكم. وبعد ذلك يصبح الوطن بما يتضمنه من شجر وحجر وبشر مختزل في شخص الحاكم، بل ملك للحاكم وعائلته.

 

 shababunity@gmail.com

 

بقلم الشيخ عزيز بن طارش سعدان شيخ قبلي الجوف برط ذو محمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى