كتابات فكرية

العدوان على صنعاء وصمة عار في جبين العالم والصمت انحيازٌ للقاتل

العدوان على صنعاء وصمة عار في جبين العالم والصمت انحيازٌ للقاتل

  • حسن الدولة

السبت 13 سبتمبر2025-

منظر الدخان المتصاعد من قلب مدينة صنعاء التاريخية، ذلك الدخان الأسود الذي يخنق السماء ويطمر تفاصيل الجمال، يختصر بشاعة العدوان وجُبن المعتدي.

المدينة التي قال عنها صديقي الأديب عبدالرحمن بجاش: “أتمنى لو أنفض غبار منازلها برموش عيناي، كي لا يجرح طوبها الأحمر وجصها الأبيض الداكن بفعل عوامل التعرية”.

فكيف سيكون حال صديقي عبد الرحمن وهو يطل على هذا المنظر الذي نقله لنا شاعر الجيل الأستاذ يحيى الحمادي في هذا المنظر الذي يهز وجدان كل إنسان، اكتب هذا والدموع تترقرق في مقلتاي وأنا أرى الغبار والدخان يلفّ مدينتي ومسقط رأسي من كل الجهات؟ كيف سيتحمّل قلب صديقي عبدالرحمن وكل محبي صنعاء الحضارة كيف ستتحملون منظر منازلها وهي تهوي على ساكنيها؟ أُسر تُباد، وأطفال يختفون تحت الركام، لا لذنب سوى أنهم يسكنون في مدينة اختارتها الجغرافيا والتاريخ لتكون عاصمة اليمنيين.

أسرة مكونة من تسعة عشر روحًا سقطت دفعة واحدة. عشرات الشهداء، مئات الجرحى، ومع ذلك:

لا بيان إدانة، لا وقفة احتجاج، لا دمعة مجروحة من “الشرعية”، ولا استنكار من أحزابنا المتهالكة؛ لا “إصلاح”، لا “اشتراكي”، لا “بعث”، لا “ناصري”، لا حتى من أولئك الذين يرفعون شعارات السيادة والحرية والإنسانية.

أين هي “الشرعية الدولية”؟

أين بيانات الشجب التي تنهال كالمطر في قضايا أخرى؟

هل لأن صنعاء اليوم ليست تحت سيطرة حليفكم، أصبحت دماؤها مستباحة؟

هل أصبحت المدن تُقاس بولائها السياسي لا بتاريخها وسكانها وأطفالها؟

هل صنعاء أصبحت “ملكًا لأنصار الله” حتى تُترك لمصيرها؟!

إن هذا الصمت ليس حيادًا، بل انحيازٌ للقاتل.

وهذا التجاهل ليس برودًا، بل مشاركة في الجريمة.

صنعاء ليست ملكًا لفصيل، بل مِلك لكل اليمنيين.

وعدوان اليوم ليس على جماعة، بل على ذاكرة، على حضارة، على بشرٍ لا يملكون غير أبوابهم الخشبية وأحلامهم البسيطة.

العدوان على صنعاء وصمة عار في جبين العالم الصامت،

وفي جبين كل من برر أو تجاهل أو شارك بالصمت في هذه المجزرة.

اقرأ أيضا:صنعاء تصبر فوقَ صبرِ الصبرِ.. لكن لا انخذالْ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى