اقتصاد محلي

“الحوالات المنسية”العودة بعد اليأس..

“الحوالات المنسية”اتلعودة بعد اليأس..

أظهرت كشوف وجود مبالغ كبيرة لدى شركات الصرافة لم تصل إلى أصحابها بسبب الموت أو عدم معرفتهم بها أو أي شيء آخر.

 ومؤخرا انفجرت فضيحة الحوالات التي لم يستلمها أصحابها في اليمن بعد أن كشف ناشطون هذه القضية.

تمر عليك سنين الحرب في اليمن وأنت تنتظر ساعاتها المثقلة بين نار الفقر والفاقة، فتكتشف أن الأموال التي انتظرت وصولها طويلاً حتى ظننت فقدانها ونكران أربابها قد دفعت إليك من دون أن تعلم عنها شيئاً، وتلك هي قصة #الحوالات_المنسية في اليمن والتي لا زالت تسريبات قوائمها مستمرة على الإنترنت إلى اليوم.

بلا شك أن العودة بعد اليأس لن تكون بالمكانة ذاتها عندما كان ينتظرها أصحابها، خصوصاً بعد أن تدبروا أنفسهم وشغلتهم الحياة ودفعتهم إلى الانصراف من أبواب البنوك ومحال الصرافة وما لحق بالعملة من انهيار مريع أفقدها قيمتها المعهودة، غير أن اكتشاف اسمك صدفة وفي مقابله مبلغ جيد من المال المتراكم بشرى سعيدة بحد ذاتها، كحق يأبى النسيان، وأن اكتشافها المفاجئ الذي لا زال يتكشف من داخل شركات الصرافة منذ أكثر من أسبوع لا ينسى حق الناس التي نسيت حقوقها.

صمت السنين

إنها قصة الحوالات المنسية أو المعمرة في مناطق سيطرة الحوثيين كما يحبذ بعضهم وصفها، والتي لا تزال تثير الرأي العام اليمني منذ أيام وقدرت بعشرات المليارات من الريالات وعشرات ملايين الدولارات والعملات الأخرى التي لم يتسلمها أصحابها لأسباب عدة، قد يكون من بينها أرملة قطعت الأمل بعودة زوجها أو يتيم فقد أباه أو عجوزاً لا تعرف سبيلاً للوصول إلى حقها التائه في زحمة المدن المنشغلة بضجيج الحرب وانعكاساتها على الحياة.

ومازالت حتى اليوم مواقع التواصل تشتعل على خلفية تسريب كشوف حوالات بالمليارات لم يتسلمها أصحابها أو لم يتمكنوا منذ سنوات من استعادتها، ووفق الكشوف المسربة من شبكة الامتياز فقط، وهي إحدى شبكات التحويل في صنعاء وتنتشر في معظم المحافظات اليمنية.

وبلغ عدد الحوالات المسربة وفقاً للكشوفات نحو 53027 حوالة بالريال اليمني، بأكثر من 2.7 مليار ريال يمنياً (4 ملايين دولار أميركي بحسب أسعار الصرف في صنعاء)، بينما بلغ عدد الحوالات بالريال السعودي وفق الكشف ذاته 8278 حوالة بمبلغ 6.8 مليون ريال سعودي (1.8 مليون دولار أميركي)، بينما بلغت بالدولار 1136 حوالة بمبلغ يزيد على 613 ألف دولار، وكلها مبالغ منسية لم يتم تسلمها من قبل أصحابها منذ سنوات.

أخطاء متبادلة

وعن سبب وجود حوالات غير مستلمة لدى الشبكات المالية يوضح الباحث الاقتصادي عبدالواحد العوبلي أن ثمة عوامل عدة منها “الأخطاء التقنية الروتينية عند إرسال الحوالة المتعلقة بتدوين بيانات الحوالة بالشكل الصحيح، كأن يقوم المرسل بكتابة اسم المستلم بشكل خاطئ أو يخطئ المرسل عند تدوين رقم جوال المستلم، ولهذا لا يصل الإشعار إلى المستفيد المعني لإبلاغه عن الحوالة، وقد يصل إشعار الرسالة للشخص الخطأ فيحصل على رقم الحوالة ولكنها ليست له أو باسمه”.

وأضاف، “أيضاً أسماء اليمنيين تتشابه كثيراً وهو ما شكل عائقاً إضافياً للشركات في تلافي حالات الأخطاء الحاصلة والمتوقعة”.

تعسف بنكي

وتطرق العوبلي إلى الإشكال الحاصل لدى البنوك والشركات المالية المتعلقة بالاشتراطات غير القانونية، ومنها أنه في حال عدم حضور المستلم خلال شهر يقومون بتجميد المبلغ ثم لا يستطيع المستلم أن يحصل عليه، ولا يمكن للمرسل استرجاعه إلا بعد إجراء طويل، مما أثار تهماً تجاه البنوك وشركات الصرافة بأنها تستغل حجز الأموال لاستثمارها.

تسريب الكشوف

وفور صدور القرار تسربت كثير من الوثائق حول الأسماء الواردة في كشوف الحوالات، وبدأ اليمنيون بالبحث عن أسمائهم بينها لسحب أي مبالغ ممكنة قبل تحويلها للمركزي، وفعلاً توجه من اكتشف وجود حوالة باسمه إلى فروع تابعة للشركة المعنية ونجحوا في تسلم أموالهم المتأخرة والمتراكمة بعد تقديم البيانات المطلوبة.

من بين هؤلاء الكاتب سلمان الحميدي الذي قال إنه اكتشف اسمه صدفة بعد أن تفاجأ بوجود مستحقاته المالية المتراكمة منذ عام 2019 لدى الموقع الإخباري الذي كان يكتب له.

ويوضح لـ “اندبندنت عربية” أن سبب عدم تسلمه مستحقاته يعود “لعدم وصول رسائل بأرقامها، وكنت أخجل أن أتواصل مع أصحاب الموقع للاستفسار عن حق مقالة أو مقالتين أو نظراً إلى علاقة الصداقة التي تربطنا، في حين كانوا يبعثون المستحقات ويظنون أني تسلمتها لأني لم أخبرهم عنها”.

وعن المبلغ الذي جاء متأخراً يشير الحميدي إلى أن “قيمة الريال هبطت عما كانت عليه في تلك الفترة، ولهذا فالمبلغ لم يعد ذا قيمة كبيرة ولكنه قضى عني بعض الديون لدى محل التموين الغذائي، وبموجبه تم سداد رسوم أبنائي في المدرسة”.

ويفيد بأنه تفاجأ بوجود كثير من الحالات المشابهة لحالته، وهو ما يعني أن الحرب التي قطّعت أوصال البلاد أسهمت في ضعف التواصل بين الناس وفقدان الثقة التي تنظم العلاقة بين المستحقين وأربابهم.

ووفقاً لأحمد العليمي الذي سرب فضائح الحوالات المنسية فقد كشف الملف الذي يعود لشركة “الامتياز” ونشر أجزاء منه على صفحته في “فيسبوك”، هو لشركة واحدة من بين عشرات أخرى لديها “أكثر من 60 ألف حوالة غير مستلمة ومنسية منذ سنوات تقدر قيمتها بـ 6 مليارات ريال يمني (10 ملايين دولار بحسب سعر الصرف في صنعاء)”.

وهدد العليمي أربع شبكات تحويلات مالية بكشف قوائم حوالاتها غير المدفوعة، محذراً من أن لديها حوالات تائهة تبلغ مليارات الريالات اليمنية، وأخرى بالدولار تتجاوز المليون.

دعوة لتسلم الحوالات

وفي خضم اللغط نشرت الشبكة المتهمة بياناً على صفحتها في “فيسبوك” الأسبوع الماضي وجهت خلاله دعوة لكل أصحاب الحوالات غير المستلمة للتوجه إلى مقار الشبكة في محافظات عدة لاستلام حوالاتهم شرط إحضار الوثائق الرسمية، لكنها لم تصدر أي تعليق يوضح سبب تأخر هذه الحوالات ولماذا أصلاً تأخر هذا التعميم إلى حين ظهور “فضيحة الحوالات”.

وبموازاة ذلك نشرت معظم شبكات التحويل الرئيسة في صنعاء بيانات ماثلة على صفحاتها بمواقع التواصل لتسلم حوالاتهم.

وعمم البنك المركزي بصنعاء منشورا نشرته البنوك وشبكات التحويل المالي، تقول فحواه بأن على المرسل إبلاغ المستلم بوجود حوالة وإرسال رقم الحوالة للمستلم.

أقرا أيضا:الحقيقة الكاملة بشأن الحوالات المنسية وشراء شركات الصرافة للعقارات

أقرا أيضا:مطالبة شركات الصرافة بالكشف عن الحوالات المالية المعلقة أو ما أسموها بـ”المنسية”

اندبندنت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى