كتابات فكرية

تداعيات العلاقات اليمنية السعودية عبر التأريخ

تداعيات العلاقات اليمنية السعودية عبر التأريخ

( ردا على رسالة الأستاذ محمد علي ثامر)

حسن الدولة

الاحد15مايو2025_

بداية لقد أخطأت يا أستاذ محمد  بإقحام اسم القاضي عبدالعزيز البغدادي  حين وجهت رسالتك إلي واليه ، وكل ما جاء في رسالتك لم يتضمنه مقاله لا من قريب ولا من بعيد، حيث لم تكلف نفسك بقراءة عنوان مقالي “قراءة في مقال القاضي عبدالعزيز البغدادي ورسالة القاضي عبدالرحمن الارياني : تداعيات العلاقة اليمنية السعودية عبر التأريخ).

كما أن ما جاء في رسالتك هو يخص ما جاء في رسالة القاضي عبدالرحمن الإرياني،  وكنت لا تميز ما جاء في رسالة القاضي وكلامي،  وكان يجدر بك أن تقرأ المقال بتمعن لأنك غردت خارج السرب وفقا لما سيأتي إيضاحه في هذه الرسالة وقبل الرد يطيب لي أن أتقدم لك بالشكر لتفاعلك مع المقال، ولنوضح النقاط التي أثرتها بموضوعية، معتمدين على الوثائق التاريخية والمصادر الموثوقة:

أولاً: معاهدة الطائف وإشكالية الحدود

فقد أكدت في مقالي أن المادة الأولى من معاهدة الطائف (1934) تنص على وقف الحرب بين البلدين، ولم تتطرق إلى ترسيم الحدود، بينما تناولت المادة الثانية المناطق التي كانت تحت سيطرة الأدارسة (عسير، جيزان، نجران)،والتي لم تتضمن الربع الخالي، وأشرت إلى ماجاء بهذا الخصوص في رسالة القاضي عبدالرحمن الارياني الموجهة إلى الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح،  والتي تضمنت مادة أن يعامل المواطن اليمني داخل المملكة السعودية معاملة المواطن السعودي، وذكرت أن القاضي عبدالرحمن ذكر بأن  المعاهدة لم تتضمن أي حد شرقي تجاه الربع الخالي وكان من الواجب عليك أن ترجع إلى المذكرات الجزء الرابع ص 675 حيث أشار القاضي بأنها لم تُشر إلى الربع الخالي، حيث أكد القاضي الإرياني في مذكراته (الجزء الرابع/ ص675) أن: 

“الحدود الشرقية لليمن مع السعودية ظلت غير مُحددة، والربع الخالي لم يُذكر في المعاهدة أصلاً”. 

أما التجديد المزعوم للمعاهدة عام 1954، فقد رفضه الإمام أحمد، لأن النص الأصلي اشترط انتهاءها بعد 20 عاماً ما لم يرغب الطرفان في التجديد أو بالنص :” وإذا رغب احد الطرفين التجديد فتستمر ستة أشهر، ” وذكرت القاضي  أن الإمام احمد رفض التجديد وذكرت انه قال “لن اقبل أن أكون اقل وطنية من الإمام احمد”

كم أن بيان إلغاء التجديد الذي أصدره القاضي الحجري والأستاذ محمد نعمان وزير خارجيته المعلن قال القاضي في رده على رسالة الرئيس سالمين الذي أشاد بالمشاهدة مقارنة بذلك البيان، وقد كان البيان قبيل موعد التجديد الثاني بسنة ومع ذلك رفض القاضي عبدالرحمن التجديد.كما جاء في مقالي،  كما أن الرئيس علي عبدالله صالح أيضا رفض التجديد عام 1994م، مما جعلها منتهية الصلاحية بحسب القانون الدولي، وتم العمل بنصيحة مستشار المملكة حينها بشأن الحدود اليمنية السعودية “كيسنجر” الذي قال انه طالما ولم تمدد المعاهدة فأن أي اتفاق يبنى  عليها يعتبر باطلا وفقا للقاعدة القانونية “ما بني على باطل فهو باطل”

لكنك نصبت نفسك محاميا لصالح التوسعية واعتبرت أن اتفاقية سنة 2000م سيئة الذكر قد بنيت على المعاهدة دون أن تكلف نفسك بقراءة “مذكرة التفاهم” التي وقعت قبيل الاتفاقية ونصت مادتها الأولى: اتفق البلدان المتعاقدان بموجب هذه المذكرة على شرعية وإلزامية معاهدة الطايف” ولو كانت المعاهدة سارية المفعول فلماذا يتم الاتفاق على شرعيتها أيها المحامي ضدا على مصالحة بلادك.

ثانياً: انك لم تميز بين مقال القاضي البغدادي ورسالة القاضي عبد الرحمن الإرياني، فكل ما جاء في رسالتك التي أقحمت اسم القاضي عبدالعزيز البغدادي لم يتطرق إليها في مقاله لا من قريب ولا من بعيد، 

وإنما وردت في رسالة القاضي عبدالرحمن المؤرخة في أكتوبر عام (1979) التي وجهها للرئيس علي عبدالله صالح، وحذر فيها من التفاوض مع السعودية حول الحدود دون المطالبة بـ”الوديعة والشرورة”. أما ما أورده القاضي البغدادي في مقاله، فهو قراءة نقدية لمواقف السعودية مشيرا إلى وصية قيل انه أوصى بها الملك عبدالعزيز بنيه “أن خيركم وشركم من اليمن” ثم تطرق إلى أمور تتعلق بحسن الجوار وما يجب على المملكة تجاه اليمن.

فالخلط الذي وقعت فيه – للأسف – بين كلام الرئسس الإرياني والقاضي عبدالعزيز البغدادي ينم عن عدم تمحيصك لمقالي أو رجوعك إلى مذكرات القاضي الجزء الرابعص675 الأصلية، والتي تؤكد أن: 

“السعودية لم تكتفِ بمعاهدة الطائف، بل توسعت شرقاً نحو الربع الخالي بعد المصالحة بين الملكيين والجمهوريين ” (مذكرات الإرياني، ص677).

ثالثاً: موقف الإمام البدر.. بين الوثائق والشهادات

رواية “كسر القلم” التي ذكرتها ليست من نسج الخيال، بل هي شهادة موثقة من أحمد الوريث وحسين عبدالعزيز المتوكل (ممن حضروا اللقاء بين الإمام البدر والأمير سلطان)، ومتهم عمي احمد بن قاسم الدولة،  وهناك شاهد لا يزال على قيد الحياة الأستاذ عبدالحميد المهدي وله مذكرات باعتباره كان في الصف الملكي كما أن كتاب “اليمن في الأرشيفات البريطانية قد أشار إليها. 

أما اتهامك للإمام أحمد بطلب القصف السعودي على تعز عام 1955، فهو خطأ تاريخي فادح، فالمعروف أن الإمام اعتمد على دعائه واستماع توجيه رسائل إلى قيادات المدفعية وقد تحدث القاضي عبدالله الشماحي وهو من صناع الانقلاب عام 1955م وذكر ذاك القاضي عبدالرحمن الارياني وذكر أيضا احمد الشامي في رياح التغيير وكذلك الأستاذ النعمان في مذكراته بأن الإمام احمد استطاع لوحده أن يعمل على  قمع التمرد، وان ما قلته هو كلام يندرج ضمن المكايدات السياسية،  فقد كتب القاضي عبدالرحمن بعد نجاته من ساحة الإعدام كتيبا تولى طبعه قي مصر يؤكد فيه القاضي عبدالرحمن أن الثائر هو الإمام احمد لأنه خرج لنجدة أهالي الحوبان الذي احرق الجنود بعض منازلهم وقتلوا اثنين من أهالي الحوبان، والثابت أن الإمام احمد خرج لمواجهة الحرس وسألهم هل انتم مع إمامكم أم مع البغاة فناخوا وقالوا نحن معكم، وقد فعل ذلك بعد أن رتب للخروج مكالف من القصر ثم خرج للقبض على قادة الانقلاب الذين كانوا مجتمعين، وكان من الشجاعة التي شهد له بها خصومة، وليس بحاجة للاعتماد على خصومه وخصوم والده.، وبخاصة أن السعودية تعلم أن احمد دخل بجيشه إلى حدود الطايف وأمره والده بالتراجع..

رابعاً: اتفاقية جدة 2000.. ومغالطة “الشرعية”

اتفاقية جدة لم تبنى على معاهدة الطائف، بل على مذكرة للتفاهم كما ذكرت لك أتفا. والتي نصت مادتها الأولى على: 

 شرعية وإلزامية معاهدة الطايف.

أي انك تجاهلت ذلك لكي تدافع عن التوسعية، وتعمدت ذكر مواد في المعاهدة الثانية والرابعة وتنامين لأنها اتفاقية اذعان او وقف إطلاق نار وأنها اشتريت شروطا تعتبر مقابل استئجار ممثلة في معاملة اليمنيين معاملة السعوديين أي أن اتفاقية جدة استندت إلى مذكرة تفاهم التي وقعها بالمال والأربعة الذين سمتهم المملكة صقور وهم الدكتور العليمي والدكتور صالح سميع والدكتور احمد البشاري ولا يحضرني اسم الرابع اللحظة. والتي وقعت عام 1995م  التي أضفت شرعية وهمية على معاهدة الطايف المنتهية الصلاحية ، وهو ما أكده المحامي الدولي “كريستوفر كارليل” في تحليله القانوني للاتفاقية:  “الاتفاقية باطلة لأنها بُنيت على معاهدة لم يجرِ تجديدها وفق شروطها الأصلية”.

خامساً: الرد على اتهام “تبييض الصفحات: 

الوثائق البريطانية (FO 371/149227) تثبت أن السعودية مولت انفصاليي 1994 عبر الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، بينما تحالف صالح معها كان “تكتيكاً مرحلياً” لإنهاء الحرب، لا اعترافاً بحدود الطائف. أما رواية “القمح لألمانيا”، فلم تُقدَّم كدليل على القوة الاقتصادية لليمن، بل كحدث رمزي في سياق التحالفات الدولية خلال الحرب العالمية الثانية.

سادساً: الشرورة والوديعة.. الخيانة البريطانية:

ما أشرت إليه عن تخلي بريطانيا عن دفع تعويضات الوديعة والشرورة للسعودية نيابة عن اليمن الجنوبي صحيح، وهو ما كشفه الباحث اليمني راشد محمد ثابت في كتابه “الخيانة البريطانية”، حيث أُبرمت صفقة سرية بين الرياض ولندن عام 1967، تنازلت بموجبها بريطانيا عن حقوق اليمن في المنطقتين مقابل إغلاق الملف مع السعودية.

فيا “محمد تامر” يجب أن تعلم بأن التاريخ ليس تأويلاً بل وثائق..

الاختلاف في الرأي مشروع، لكن النقاش يجب أن يستند إلى: 

1. المصادر الأولية” كالمذكرات (الإرياني، البدر النعمان الشماحي الشامي ..الخ.)، والوثائق الدبلوماسية (البريطانية، الأمريكية). 

2. التحليل القانوني: كرصد بطلان اتفاقية جدة لانتهاء صلاحية معاهدة الطائف. 

3. السياق الجيوسياسي: كتدخلات القوى الدولية في تفكيك اليمن. 

 وأخير ادعوك – كباحث – إلى مراجعة الكتاب الأبيض الذي أصدرته وزارة الخارجية السعودية في مطلع خمسينيات القرن الماضي الذي تضمن المراسلات بين الإمام يحيى والملك عبدالعزيز وبين ممثليهما واقرأ كتاب  “اليمن والسعودية: صراع الحدود” للدكتور أحمد الويسي، وفيه تحليل مفصل لخرائط الربع الخالي قبل وبعد الطائف، مع صور لوثائق عثمانية تُثبت تبعية المنطقة لليمن. وكتاب تاريخ اليمن للواسعي واليمن عبر التاريخ للأستاذ احمد حسين شرف الدين ، واليمن الإنسان والحضارة للقاضي عبدالله الشماحي،. …الخ.

اقرأ أيضا للكاتب :قراءة في مقال القاضي عبد العزيز البغدادي ورسالة القاضي عبد الرحمن الإرياني .. تداعيات العلاقات السعودية اليمنية عبر التاريخ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى